
كشفت عشية اليوم واحدا من الأسباب الغامضة التي تجعل السياسيين لا يحترمون رجال الدين، حيث التجمهر المشهود في طوبى لاستقبال السيد الرئيس بمناسبة تدشين الطريق السريع ( إلى طوبى ).
كشفت عشية اليوم واحدا من الأسباب الغامضة التي تجعل السياسيين لا يحترمون رجال الدين، حيث التجمهر المشهود في طوبى لاستقبال السيد الرئيس بمناسبة تدشين الطريق السريع ( إلى طوبى ).
في ذلك الحفل الرهيب والأمر ذي البال كان من الواجب أن يبدأوا فيه ببسم الله.. لكن – والحالة هذه – اتبعوا خطوات البروتوكول السياسي ونسوا الله فأنساهم البروتوكول الشرعي، أوبعبارة أخرى : اختاروا المصالح الدنيوية على الصالحات الأخروية .. مما جعلهم يهملون صلاة المغرب على رؤوس الأشهاد إلى انتهاء مختارها بلا عذر شرعي.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مصداقية قول الله عز وجل ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ) سورة النمل. وأن فساد التابعين – في أكثر نواحيه – من فساد متبوعين غير مؤهلين للقيادة ولا صالحين للتصدر والإمامة فكيف يصلحون؟ لكنهم تربعوا على كراسي المشيخة بفضل النسب وقوة الانتساب إلى جد عظيم أبهر العقول بأمجاده وبطولاته النادرة وملأ القلوب بأفضاله ومواهبه االجمة مثل الشيخ الخديم رضي الله عنه.
ذلك المربي الرباني العظيم الذي كان يستعين بالصبر والصلاة فصلى في وقت من أحرج أوقاته ركعتين من غير الفريضة بين يدي أمير ندر الحاكم المستعمر أذل بها طغيانه وجبروته، كما أدى فريضة الصلاة على أمواج البحر المتلاطمة خوفا من فواتها فخرق الله له العادة وأكرمه بالنجاة. وهو الذي قال:
واعلم بأن أفضل الطاعات
صلاتنا في أول الأوقات
وشرح للمبتدئين الأوقات الموقوتة للصلوات الخمس في كتابه تزود الصغار بقوله:
ومن غروب الشمس وقت المغرب
إلى مغيب الشفق المهذب
وقال بعد نظم وشرح الأوقات المختارة والضرورية في الجوهر النفيس :
ثم القضاء في الجميع ينتمي
لبعد ذي الأوقات عند الحكم
وانم عظيم الذنب للمؤخر
حنى تفوته بلا عذر دري
وكان رضي الله عنه يحافظ ويربي المريدين المبايعين معه على محافظة الصلاة في وقتها لا يقبل من يعمل له شيئا في أوقات الصلوات إلا بعد أدائها وينقض كل عمل مخالف لذلك، قال الشيخ محمد البشير في كتابه منن الباقي القديم في سيرة الشيخ الخديم :
( وأنّه ماكان يقبل في وقت أداء الفرائض ووجوبها أن يُعمل له شيء إلاّبعد الأداء ، وسقوط الواجب. فقد كانت التّلامذة، إذاكانوا في خدمة، حتي أقميت الصّلاة، لايُحرّك أحد شيئا إلاّبعد الصّلاة، وإذالم يعلم ضيف أو وارد عليه عادته في ذالك وعمل شيئا ساعة وجوب الأداء، والتّمكّن منه، ينقضه بعد ويعاد بعد الأداء).
حتى بعد التحاقه بالرفيق الأعلى كانت مظاهر تلك التربية تتجلى في كل سلوكيات المتخرجين من حضرته المباركة، كما ثبت أن الزمرة الذين تولوا مراسيم تجهيزه ودفن جثمانه الشريف في طوبى حضرت لهم – عند اللمسات الأخيرة – صلاة الفجر فأذن مؤذنهم التندغي وصلوها جماعة ثم قالوا قولتهم المشهورة : ( هذا ما علمنا وربانا عليه الشيخ ).
ما كان ينبغي لأحفاد الشيخ أن يضيعوا الصلاة في هذه المناسبة المقامة باسم خدمة الشيخ الخديم وفي مدينته الفاضلة ( طوبى المحروسة ) وفي هذه الساعة الفاضلة ( ليلة الجمعة ) ولكن قدر الله وما شاء فعل نستغفره ونتوب إليه إنه هو الغفور الرحيم.