الإقتصادالثقافةالرياضةملفات ساخنة

السنغالي الفائز بـ«جائزة الشعر»: وراء كل لغة حضارة كامنة

سيرين عبدالأحد غي، هذا هو اسم الشاعر السنغالي الذي يحمل اسماً آخر رديفاً هو: عبدالأحد الكجوري، وهو مِنْ مَواليدِ ليونا تياروي عامَ 1989 ميلاديَّة. تربى في قرية تسمى “نياغان” وهناك درس القرآن، ثم التحق بوالديْه في مدينة دكار “عاصمة السنغال”، ليدرسَ اللغة العربية والفرنسية والشريعة. وقُبل في الجامعةِ الإسلاميةِ عام 2010م، فالتحقَ بكليةِ الدعوة وأصول الدين حيث حصل على شهادة البكالوريوس عام 2015 بتقدير ممتاز، وهو الآن في الماجستير في قسم التاريخ الإسلامي.

وهو من شعراءِ الجامعة الإسلامية، واعتلى المراكز الأولى في المواسمِ الخمسة لمسابقة “شاعر الجامعة”، وفاز بلقب وبُردة “شاعر الجامعة” عام 2019م، كما فاز بالمركز التَّاسِع في مسابقة “أفرابيا” التي جمعت نحو 224 شاعراً من مختلف الدول الإفريقية والعربية عام 2017م. ومن قصائده الشهيرة قصيدة: “عالقٌ بين الخريرِ واللّهب”.

سألته “الرياض” عن سر عشقه اللغة العربية، ومكانتها من اللغة الفرنسية “الرسمية في بلاده”، وعن إشكاليات الثنائيي اللغة مع اللغات الاستعمارية، ورحلات الحج في الذاكرة السنغالية، وأشياء أخرى، فإلى اللقاء.

  • بحكم أنك تتقن الكتابة باللغتين العربية والفرنسية، أيهما أحبّ إليك، وعندما تريد التعبير عن خواطرك فأي لغة تختار؟ ولماذا؟
  • بداية أودّ أن أتقدّم بجزيل الشكر إلى جريدة الرياض السعودية على هذه الفرصة الطيّبة التي تشرِّفني كثيراً.

فإنّ وراء كلّ لغة حضارة كامنة، لا سبيل إليها إِلّا بها، والعربيةُ لها ذلك الحسّ الجماليّ الذي له فعل السّحْر فيمن يتعاطاها، وهذا هو السرّ الذي يجعلني عاجزًا في معظم الأحيان عن كتابة خواطري إِلّا بها نثراً وشعراً.

أما اللغة الفرنسية فعلى رغم عذوبة تراكيبها الدلالية إِلَّا أنها تربطني بتاريخ مرير يصعب أن يُمحى من ذاكرتي وهو الاستعمار. وزد على ذلك أن معظم الموضوعات التي أتناولها تدور حول السلام والحب والجمال والتسامح، وهذا بالضبط ما يوفّره لي التراث العربي الإسلامي، بخلاف التراث الفرنسي.

  • ما السر في أن أبناء السنغال يبدون في اللغة العربية وكأنهم من موريتانيا ونحو ذلك؟ لماذا يتميزون بهذا الإتقان الكبير للعربية؟
  • في الآونة الأخيرة ظهرت طفرة أدبية هائلة جداً في الساحة الثقافية السنغالية، وقد تمثّلت في شعراء وأدباء شباب يكتبون بالعربية بصورة رائقة وملفتة، وزاد ذلك ظهوراً إعلامياً تفوّقهم في الساحات الأدبية العربية الكبرى خارج السنغال، وقد جاءت هذه الطفرة ثمرة يانعة طبيعية لجذور قديمة غرسها الأجداد قبل الاستعمار الفرنسي، فمعظم من درس منهم العربية كان شاعرًا بحكم التأثّر بالمتون اللغوية التي كانوا يدرسونها ويحفظونها مثل: مقصورة ابن دريد، ومقامات الحريري وغيرهما.

فجاء هذا الجيل الجديد متلفّعًا بجلباب ذلك التراث، ومنفتحاً على غيره من العلوم والثقافات المتنوّعة، فقاموا بتوظيفها في كتاباتهم فانتشر الإتقان للعربية كالنار في الهشيم، وقريبًا جداً ستشهد الساحة العربية العالمية جمالاً أدبياً سنغالياً أكثر نضجاً وأكثر تماهياً مع العصر؛ ولدينا ناد أدبي سنغالي يرأسه الأستاذ فاضل غي وأنا عضو مؤسس فيه، يقوم هذا النادي باحتضان تلك المواهب الشابة أملًا في تحسين أدائهم وحفظًا للغة العربية التي سبقت الاستعمار في السنغال، فهناك بعض الأراشيف للمكاتبات بين ملوك السنغال ما قبل الاستعمار تبرهن أنها كانت بحروف عربية وبلغة ولوفية.

  • ما مستوى حضور الفرنسية أمام بقية اللغات في السنغال، وهل يمكن أن تصبح مكانة العربية في تلك البلاد أعلى من مكانة الفرنسية ذات يوم؟ وماذا ينبغي أن يُبذل ليتحقق ذلك؟
  • اللغة الفرنسية هي المهيمنة على اللغات الأخرى في السنغال، لأنها اللغة التي تبنّتها الحكومة في كل أعمالها الإدارية والتعليمية، بخلاف اللغات الأخرى المحلية منها والعالمية، وتليها اللغة العربية؛ فمن خلالها جاءنا الدين الإسلامي، والسنغال بلد مُتديّن جدا فـ 95 % من سكّانها مسلمون. فمن وجهة نظري أنّ العربية هي اللغة العالمية الوحيدة التي تستطيع أن تتفوّق على الفرنسية للتاريخ السلمي الذي خلّفته في البلاد والدين الإسلامي، ونأمل من الدول العربية تعزيز دعائم المؤسسات التعليمية العربية المحلية والأندية الأدبية التي تعمل على ترسيخ العربية لتحقيق ذلك التفوّق.
  • كيف كان السنغاليون يحجون في الماضي وما الصعوبات التي كانت تواجههم، وما المسيرة المعتادة، وكم تستغرق من أيام وزاد، وكيف أصبحت الحال عليه الآن؟
  • كما أسلفتُ فالسنغال بلد إسلامي مُتديّن جداً والحج هو خامس أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً لذلك كان وما زال الحلم الأرقى لكل مسلم في السنغال أداء هذه الشعيرة العظيمة، ولقد رسم الأجداد صفحات مضيئة في تحقيق ذلك الحلم الأجلّ “الحج”، كانوا بعد العزم على أدائه يرتّبون أمور بيتهم، ويقضون ديونهم فيما لو لم يرجعوا منه، ثمّ يتزوّدون بالدابة حيث لا طائرة ولا سيارة، كما يتزوّدون بالغذاء المجفّف ويخرجون إلى هدفهم المنشود، وكانوا يمرّون بالبلاد الأخرى فيعملون عندهم كلّما نفِد زادهم، هكذا يواصلون طريقهم إلى أن تطأ أقدامهم أرض الحرميْن الشريفيْن، وقد يقضون في ذلك أشهراً، وعند رجوعهم بالسلام والعافية تزداد مكانتهم الاجتماعية حيث يلقّبون بـ”الحاج فلان”، وكان ذلك اللقب آنذاك أرقى الألقاب الدينية في البلد.

وَأَمّا في العصر الحاضر فإنّ الحجاج السنغاليين قد لا يلاقون من سفرهم نصباً، نظراً للوسائل والإمكانات التي تقدّمها السلطات في السنغال، وكذلك سلطات البلد المضيف المملكة العربية السعودية لتيسير عملية الحج.

المصدر: الرياض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock