الرياضةالسياسةالصفحة الرئيسية

حمدي جوارا : حتّى المغاربة يجهلون هذا.. ماذا قدّم المغرب للّغة العربية في افريقيا جنوب الصحراء ؟

حمدي جوارا

استغربت حين رأيت تغريدات ومنشورات تفيد أن وزيرا مغربيّا اطلق رصاصة في ظهر العربية حيث حكم عليها بالموت وقال إن العربية أصبحت لغة ميتة ، وقبل ذلك كانت هناك حملات من اصدقائي المغاربة ضد حكومتهم قبل تبنيها ما يسمى ب “فرنسة التعليم” ، لكن الذي يؤسفني هو ما  قاله الوزير  عن  موت العربية ..

والسبب أننا في افريقيا جنوب الصحراء – وأتحدث عن جيلنا – لم يتفتّق ذهن كثير منا وعقله في اللغة العربية إلا عن طريق المغرب .. وذلك بسبب اهتمامه فعلا بدعم المدارس الاسلامية التي تعلّم  بالعربية عبر إرسال مناهج في شكل كتب تساعد الأفارقة على القراءة والتعبير باللغة العربية بحيث ترتفع مستوياتهم وتصقل مواهب الطلاب والشباب فبها  ..

وكان هذا الكتاب المشار إليه في الصورة “التلاوة الإفريقية ” من الكتب التي طبعت في المغرب وانتشرت في افريقيا وهو كما واضح من سطح الكتاب  أنه موجّه لإفريقيا جنوب الصحراء بدولها المذكورة … 👇👇👇

والكتاب يحتوي على عدة أجزاء تصل للجزء الخامس حسب المستويات ونحن درسنا الجزء الأول في الأول الابتدائي وهكذا باقي الأجزاء ثم يضاف إليها كتاب آخر اسمه “الإنشاء الصحيح ” وهو لبناني المصدر …وهما أول كتابين في المنطقة الأكثر تداولا  حتى هذه اللحظة في المراحل الابتدائية في المدارس العربية الاسلامية ..بالإضافة إلى كتاب “إقرأ” لصاحبه أحمد بو كماخ … حيث درسناه هو الآخر أيضا وهو مغربي أيضا ..

والطريف في الكتاب أقصد “التلاوة” أنه كتاب يستهدف الأفارقة لكن تم حشو الكتاب بمعلومات عن المغرب ثقافة وجغرافيا وعادات وتقاليد  فكنا ندرس شيئا لا بأس به في تاريخ المغرب  ،  ولذا حين أتحدث مع مغربيين وأتحدث عن فاس ومراكش ومكناس والرباط وطنجة وغيرها فالناس يستغربون كيف يعرف ذلك رغم أني لم أزر المغرب إلا عن طريق هبوط لحظي في مطار محمد السادس .. فلا يعرف الكثير أن هذا هو السبب والكتاب كله صور ومشاهد تسرّنا كأطفال ونلتذ بمشاهدتها وقصصها الجميلة وأعتقد أن الكتاب في عهد الملك الحسن الثاني رحمة الله عليه …

وللتذكير في الجزء الثاني من الكتاب هناك موضوع فيه يتحدث عن ” يوم في المدينة ” وبطله “إبراهيم ” أو “سعيد ” لا أذكر أيهما بالضبط ..

وهو عبارة عن قصة يحكيها عن تلميذ نجح في الامتحان فأراد والده أن يكافئه وهو كان في البادية  فجاء به الى المدينة وبالتحديد “الدار البيضاء ” ولأول مرة يرى المدينة من سيارات وقطار وإشارات مرور ويتحدث عن مشاعره فيها .. حتى تمنى أن لو تواصل هذا اليوم ولا ينتهي من متعة ما شاهد ..

والطريف في الأمر أني أثناء صغري لم أكن فهمت إطلاق الدار البيضاء على المدينة فكنت أقول في نفسي : هل الدار مطلي بطلاء أبيض أم ماذا …ثم أتساءل هل هي دار واحدة أم ديار بيض … وحين أرى الصور أجدها مبان بيض وهكذا كان معظمنا … 🤩🤩😂🤩🤩.

المهم هذا هو دور المغرب في نشر اللغة العربية في افريقيا فحين نسمع عن ابعاد العربية في دهاليز التعليم  بالمغرب وتطبيق ما يسمى ب “فرنسة التعليم ”  فإننا كأفارقة نأسف كثيرا وتهزنا أن نجد دولة فعلت الكثير لنا أن تتخذ خطوة كهذه ونتمنى للمسئولين مراجعة هذه المواقف وخاصة موقف الوزير ..

 ولا شك أن دور المغرب تمّ تقليصه كثيرا في هذا المضمار  وتراجع كثيرا مع الوقت  ولم يستطع المواصلة في الرعاية والعناية حتى دخلت دول أخرى في الخط ،  لكن بقي هذا الكتاب المغربي هو الأول لدينا في التعبير والإنشاء ..

ثم إن السلسلة توقفت تطويرها  للأسف وأنا على يقين لو تواصل هذا الجهد وفي نفس المستوى في مجال الفقه والعقيدة والأخلاق لسلمنا من استيراد كثير من المناهج التي استوردناها هنا وهناك وقدمت لنا أحيانا نتائج كانت غير مرضية على مستوى بلداننا والقارة ككل .

ومن يدري لعل مستوانا اليوم في العربية ربما يرجع الفضل لهذه الجهود التي كانت تبذلها دولة المغرب في مدارسنا ..

..

وفي ظني أن ما أنفقه المغرب في إعداد الأئمة في تطوير هذه المناهج والبناء علي ما ذكرنا وتوزيعها في كل القارة لكان أفضل بكثير طبعا مع الاهتمام في تطوير قدرات المدرسين والأساتذة …

فهل أدرك مسئولو  المغرب   هذا الدور الثقافي والعلمي وحتى الديني  لهم في افريقيا وفي العالم الإسلامي في خدمة العربية والإسلام .. وأن يتوقّف الجميع من استهداف الاسلام في لغته الجميلة والراقية ..

أتمنى ذلك ..

باريس فرنسا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock