السياسةالعمل والمستجدات

متى تعود قيمة علماء في السنغال وزناً كسابقها ؟

متى تعود قيمة علماء في السنغال وزناً كسابقها ؟

# بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله القائل : { يرفع الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير } المجادلة : 11 .
وصلاة وسلام على رسول الله القائل: { العلماء ورثة الأنبياء } ، وعلى آله وصحبه ومن والاه…. وبعد :
أيها الإخوة والأخوات في الله، في هذه اللحظة التي أكتب هذا المقال ، أشعر بالحزن والخجل ، على ما عِشتُه، وعاشَهُ كلُّ من له ضميرٌ ، أو نال قسطاً من الإنسانية. لقد كانت السنغال الحبيبة قِبلةً ورمزا لكل طالب العلم والمعرفة على مدار التاريخ . شيوخها كانوا منارةً في العلم والزهد والمعرفة، فأصبح علماءها ومشايخها قادةً و زعماءا للمسلمين في كل أنحاء المعمورة ، وذلك عن طريق دعواتهم إلى الإسلام بكل نزاهة .

السؤال الذي يطرح نفسه هو ، ما الذي تغير فعلا ؟

أيها الإخوة، لا يخفى على أحد ما للعلم من فضل ، وما للعلماء من مكانة ، فهم خلفاء الله في عباده بعد الرسل، قال عز وجل: { شهد الله أنه لاإله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } آل عمران 18.
وقال جل وعلا : { قل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } الزمر 9 . وقوله أيضا : { إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور } فاطر 28 .

وأما من السنة فأحاديث كثيرة، منها : حديث معاوية رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من يريد الله به خيرا يفقهه في الدين ” متفق عليه.

فلما أراد الله تعالى بهم خيرا فقههم في دينه وعلمهم الكتاب والحكمة، وصاروا سراجا منيرا للعباد ومناراً للبلاد .
وحديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ” ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في حجرها وحتى الحوت يصلون على معلمي الناس الخير ” رواه الترمذي .

في هذا المنطلق ، نقدم أرفع أرقى التعازي والمواساة لشيخنا الجليل الذي كان بحرا من بُحور العلم والمعرفة وشمسا من شموس الأمة الإسلامية، من أبرز علماء عصره علما ومعرفة وترقية ، وزُهداً ، فقد كرس حياته الكريمة في خدمة دينه و وطنه، درَّس، وربَّى أجيالاً من الشباب والكهول . فضلا عن المدارس والمساجد التي بناها، فقد أعدَّ – فضيلته – وِراثةً قويةً، لاستمرار المهمة بعضه . ألا هو الشيخ بجميع مراتبه المغفور له – بإذن الله – شيخ محي الدين سمبا جالوا، الذي انتقل الى رحمة الله يوم الثلاثاء 15 أبريل 2020 الماضي في قريته الأصلية ( سانج امبابرا ) الذي تبعد عن مدينة ( كولاك ) ببضع كيلومترات .
وتم تشييعه في قرية ( ساخاي / مدينة شيخ عبد القادر الجيلاني ) يوم الجمعة 18 أبريل 2020 ، رحمة الله عليه .
مايؤلمني في الأمر ، هو عدم حضور بعض الشخصيات البارزة ، سواء من الطبقة الدينية و السياسية في البلاد ، ولا أعرف السبب .
ومهما يكن من أمر فإن هذا الشيخ الجليل لا يليق بهذا الموقف غير محترم إطلاقاً ، وخصوصا موفق وسائل الإعلام السنغالية سواء مرئية أو مسموعة أو مكتوبة ، لكن لاغرو لأننا تعوَّدْنا هذا النوع من السخرية والتقليل عندما يتعلق بالدين ، لو كان فنانًا أو لاعباً أو أو ….. وهلم جرا ، لكان الوضع مختلفاً تماماً . عندما يموت شخصا من طبقة ” show buss ” تقوم الدنيا كلها ، الجميع في الشاشات و عبر الإذاعات والوسائل الاجتماعية ، بدءا من الاعلاميين المنافقين ومنهم من يسمُّونهم بالأساتذة ومروا إلى رجال السياسيين المذبذبين الخادعين لأمتهم ، الذين لا يؤمنون إلا مصالحهم الشخصية لو دفعهم إلى قتل النفس الخداع .
نرى أناسا انسلخوا من أخلاق السلف كما انسلخ الحية في حجرها ، لايراعون لشيوخنا حُرمة ، ولايوجبون لطالب ذمة . وكم نرى من الصحف الخبيثة الطاعنة في الإسلام والخادمة للكفر والإلحاد ورؤساءها تطعن في العلماء ومدرسوا القرآن الكريم وتسخر منهم . وقد استهزوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يكون استهزاء بهم . وقد قال تعالى : { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا } الأحزاب 58 . وهم يسعون ليل نهار في ذلك عبر وسائل الإعلام والصحف والمجلات ، وأنى لهم ذلك ولن يستطيعوا بإذن الله ، فإننا متمسكون وواثقون لعلمائنا الأجلاء ، رغم قلة عدد من يتصفَّفُون بصفوفهم في هذا الزمن .

أيها الإخوة،

ولاشك إن شهود الناس لجنازة العلماء والترحم عليهم ، مما يزيد التفائل بخيرية المجتمع ، ويدل على ترابط أفراد المجتمع المسلم ، فإن المسلم يفرح لفرح أخيه ، ويحزن لحزنه ، وهو ترجمةُ عمليةٍ للقيام بحق أخيه المسلم ، فمن حق العلماء على أفراد المجتمع المسلم الترحم عليهم ، وشهود جنازتهم ، وأمثلة ذلك كثير ، ما حصل للرسول صلى الله عليه وسلم عندما توفي ابنه إبراهيم ، وكذلك لإمام أحمد بن حنبل رحمه الله .
فموت العلماء مصيبة عظمى ، وحادث جلل، لما لهم من الأثر البليغ ، بهم يُعرف الحال والحرام ، والضار من النافع ، والحق من الباطل .
إنها معركة خالدة ، ويتوجب على الدعاة والمدعوين أن يقوموا بحقوق العلماء حتى تحفظ لهم مكانتهم وسابقتهم ونشرهم للعلم والدين، وذلك بأن يحبوا ويذب عن أعراضهم ويحترموا ، لأنه حين يطعن في العلماء ، تضيع هيبتهم، وتضعف الشريعة في نفوس الناس ؛ لأنهم ناقِلُوا العلم ، ومبلغوه للناس .
قد يقول القائل ، أننا في ظروف خطرة بعد ظهور وباء فيروس التاجي كورونا المستجد في العالم بأسره ، السلطات السنغالية وضعت قوانين وشروط الصعبة منها حالة الطوارئ في البلاد ، وكذلك منع تنقلات من منطقة إلى أخرى .

لكن في هذه الأوضاع الصحية الصعبة ، يسعى رجال الأعمال السياسيون ومن معهم من المنتهزين ، لإثراء أنفسهم بشكل احتيالي على ظهور السكان . لأن توزيع المواد الغذائية لاتوجد فيه أي معايير موضوعية وعلمية . يعد الفيروس التاجي فرصة لإثراء العائلات والأقارب والداعمين لماكي سال ، بعد فضيحة النفط لشقيقه ( علي سال ) . وهؤلاء الناس يثري أنفسهم على ظهور الفئات السكانية الضعيفة .
هذه الأمور لا يجب أن تصمت المعارضة ، والمجتمع المدني ، وخصوصا المشايخ ، هذا الأخير هو من سيُحرِّر الشعب السنغالي ، لمايجده من نفوس فعالة داخل البلاد وخارجها ، هذا هو الوقت المناسب لإعلاء صوته ، إنها أمانة وُضعت على عاتقهم والأمانة تُحفظ .

وأخيرا ،

أيها الإخوة ما نراه اليوم في بلادنا السنغال الحبيبة ، من تشتت طبقة المشايخ والعلماء والدُّعاة ، وسيطرة طبقة السياسية عن أمور كثيرة للبلاد ، تدفعنا إلى الحيرة واليأس والخوف ، مانعيش حاليا – مع الأسف – هو أن كثيرا من المواطنين لا يرون للعلماء حقا ، ولايقيمون لأقوالهم وزناً ، فكيف يطلبون السعادة والهناء ، فالهم لايزال ضجيعهم ، والغم كميعهم ، و الأسف أليفهم ، والله حليفهم . فأنى لمثل هؤلاء الفلاح والنجاح .

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله . والله نسأل أن يسدد خطانا بما فيه الخير للجميع ، وأن نكون خُدَّاماً للإسلام والمسلمين ، وبلادنا خصوصا ، وهو ندعوا سبحانه وتعالى أن ينجينا من شر هؤلاء المنافقين ، ومن شر شياطين الإنس والجن .

أخوكم الإعلامي/محمد منير عمر انيانغ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock