
سيدي الشيخ الإمام العارف بالله مولانا أبو الحَسن الشَّاذلي وعلاقتهُ مع الشيخ الخديم – قدس الله سرَّهُما –
هو شيخ الطريقة الشاذلية الإمام العارف بالله أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف بن تميم الشّاذلي ولد سنة 591 هجرية.
ويرجع نسبه إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكان من عباد الله الصالحين، وأوليائه الصفوة المقربين، قطب الزمان، والحامل في وقته لواء أهل العيان، قال عنه الشعراني: “كان كبير المقدار عالي المنار”.
وينسب إليه الطريقة الشاذلية، وقد كان متأثرا بالشيخ الإمام أبي حامد الغزالي، وكذلك بأبي مدين، ولذا تعد مدرسته في عداد المدارس الصُّوفية السُّنية، إلا إنَّها لم تنتشر انتشارا كثيرا في أفريقيا بصفة عامة وفي السنغال بصفة خاصة كما انتشرت فيها الطرق الصوفية الأخرى مثل القادرية والتيجانية وغيرهما، ولكن مع ذلك كله فإن تعاليم الشاذلية انتشرت إلى أجزاء من القارة الإفريقية وعلى وجه خاص في السُّودان.
وكان من الذين تلقوا تعاليمها في غرب إفريقيا أحمد التمبكتاوي الفلاني وقد وصلت الشاذلية إلى شنقيط، وقد تسربت الطريقة إلى بلاد السنغال واعتنقها بعض علماء السنغال، وكان من أبرزهم الشيخ مور غلاي جاو الذي كان مشهورا في علم الخليل، كما أن الشيخ أحمد بامبا مؤسس الطريقة المريدية أخذ فترة من الزمن هذه الطريقة وتوسل كثيرا بأبي الحسن الشاذلي في قصائده، وهذا يعني أن هذه الطريقة كان لها حضور ولو نسبيا في البلاد السنيغالية [1].
وهو من أوائل من أحييوا الطريقة الصُّوفية في الْإِفْرِيقِيَّةِ الْغَرْبِيَّةِ كما قال وهو يُجيبُ عَلى السُّؤال التَّاسِعِ من أَسْئِلَةِ أَمِيرِ اندَرْ إِلَى الشَّيْخِ الْأَكْبَر وهو منْ أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الْإِفْرِيقِيَّةِ الْغَرْبِيَّةِ؟
وَأَمَّا أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا الطَّرِيقَةَ فِي الْإِفْرِيقِيَّةِ الْغَرْبِيَّةِ فَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلِيُّ، وَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الشَّاذَلِيُّ، وَ الشَّيْخُ أَحمَدُ التِّجَّانِيُّ – عَلَيْهِمْ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى -“.
وكان لهذا الشيخ الجليل حزب البحر، وحزب البر المشهور بالحزب الكبير وهو من بينِ زمرةِ الأولياء الصَّالحينَ المُبتلين كما قيل: “ورمى أهل المغرب أبا الحسن الشاذلي بالزندقة والإلحاد وأخرجوه من المغرب إلى مصر”. [يُنظر: كتاب (النَّفحات المسكية)، للعلامة محمد عبد الله العلوي، دراسة وتحقيق: أبو مدين شعيب تياو ومحمد بامبا درامي، ص: (113- 117)]
من أقوالِهِ:
قال أبو الحسن الشاذليّ – رضي الله عنه -: “(كتاب الإحياء) يُورثك العلم، وكتاب (قوت القلوب) يورثك النُّور”. [يُنظر: عدة المريد الصَّادق، للشيخ أحمد زروق، تحقيق: الصادق بن عبد الرحمن الغرياني، ط1، 1427ه – 2006م، دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، ص: (183)]
وقال أيضا: “عِمى البَصيرة في ثلاث: إرسالُ الجوارح فِي مَعاصي الله، والطَّمع في خلقِ الله، والتصنُّع بطاعةِ الله”. [ينظر: كتاب: “إيقاظ الهمم في شرح الحِكم”، المؤلف: الشيخ أحمد بن عجيبة ج 1، ص: (72)].
وقال: “الدُّنيا ابنة إبليس فمن خطبها كثر تردد أبيها إليه، فإن دخل بها أقام عنده بالكلية قلت المراد (بخطبته الدنيا) تمنيها، و (بالدخول بها) إمساكها أي إمساك الفاضل منها عن حاجته لغير غرض شرعي، فعلم أن من أراد أن إبليس لا يسكن عنده مع تزويجه ابنت، فقد رام المحال، ولذلك كان يتوسوس في الصلاة والوضوء والنيات كلها كثير من الناس الذين يحبون الدنيا بقلوبهم”.
وكان الشيخ أبو الحسن الشاذلي – رحمه الله تعالى – يقول: ” إذا عارض كشفك الصحيح الكتاب والسنة، فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: “إن الله تعالى ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف، والإلهام ولا المشاهدة إلا بعد عرضه على الكتاب والسُّنة”.[ إيقاظ الهمم في شرح الحكم، ابن عجيبة الحسني، تحقيق: محمد عزّت، المكتبة التوفيقية، القاهرة، د.ط، ص: (368)].
وورد عنه أنه قال: “لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتقي في الهواء، فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي، وحِفظ الحدود وأداء الشريعة”.[الرسالة القشيرية، أبو القاسم القشيري، ص: (397)].
وقال – رحمه الله تعالى -:(التَّصوُّف تدريب النَّفس على العبودية، وردها لأحكام الربوبية) [كتاب “نور التحقيق” للعلامة حامد صقر، ص: (93)]
وقد توفي سيدي الشيخ الإمام العارف بالله مولانا أبو الحَسن الشَّاذلي – قدس الله سرَّهُ – (656هـ) في مصر.
استخدام الشيخ الخديم – رضي الله عنه – الوردَ الشَّاذلي
بين لنا الشيخ أحمد الخديم – رضي الله عنه – بيانا شافيا أنَّه كان متقيّدا بالورد الشاذلي في قصيدتهِ (التوبة النَّصوح):
مَشَايِخِي سَيِّدُنَا الْجِيلَانِي = وَالشَّاذَلِيُّ مَعَهُ التِّجَّانِي
أَئمَّتِي فِي الْفِقْهِ مَالِكُ الْعَلِي = والشَّافِعِي وَالْحَنَفِي وَالْحَنْبَلِي
وقال:
رضيتُ باللَّه الكَريم ربّا = مُكتفيا دفعًا به وجَلبا
وقد رضيتُ برسُول الله = له صَلاته بلا تناهِ
مع سَلامه نبيًّا ورسُول = وبكتابِه وبالبيتِ دَليل
وقبلةً وبجَميع الأوليَآ = مَشايخا ترشُدني لربيَا
مع تقيُّدي ذا اتقَان = بالجِيل والشاذلي والتيجَاني
وقد رضيتُ بجَميع العُلمآ = العامِلين رُفقةً مُحترمَا
استخدم – رضي الله عنه – أكثر الأرواد المُستعملة الشَّائعة في قُطره السِّنغال كالوردِ القَادري والتِّجاني والشَّاذليّ كما هو معلُوم فِي أُمَّهات الكُتب المُريدية قبل أن يعلن بورده الخاص، ويترك لطلبته الحرية في استعمال أي أوراد شاءوا، ولم يعد خافيا عَلى ذي العنينين أنَّه اشتَغلَ بطرق أهل التصوف؛ أخذ أوَّلا الطريقةَ القادريةَ عن مُريد للشيخ سِيديَّ سُودانيٍّ يقالُ له الحاج كمر وأذن له فِي إعطائها للمُريدين، ولقي بعد ذلك الشيخ سيديَّ بنَ الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيديَ وكتب له الإجازةَ في وِردهم بعدما قال له: إنه أحقُّ منه بذلك، كما رأيتُ بخطِّه. فمكثَ زمانا عندَه ذلك الوردُ يعطيه لمُريديه ويستعمله. وبعد ذلك أخذ الوردَ التجانيَّ ولا أدري عَمن أخذه. وكانت الطريقةُ التجانيَّةُ من الطرق هي التي يحبُّ ويؤثر.
وتُشير أخباره التي وَصلتنا بأنَّه أخذَ بعد ذلك الطريقة الشاذلية، ولا أدري عَمن أخذَها أيضا، فاستعملَ الجميعَ في أوقاتِه؛ وكان كل ورد عنده له سُبحةٌ لا يستعمل فيها غيرُه، وأكثر ما يعطي لمُريده أوَّلا الوردُ القادريُّ والتِّجانيُّ. وكان يقُولُ: (إنَّ هؤلاء الأشياخ أشياخه في أوَّل دهره، وأما الآنَ فلا يقالُ إنَّ له شيخًا غيرَ رسُول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا وردًا غيرَ القُرآن).
وأشار إلى ذلك أيضا النَّاقد الشيخ محمد البشير امباكّي فِي منَنه: “ثم انتزَعها [أي: الأرواد] رسُول الله – صلى الله عليه وسلم – وأعطاه القُرآن، وردًا أبديا وأعمال الإسلام قُوتًا سَرمديا. وذلك قوله:
كتابُه العزيزُ صَار وِردَا = ليَ ونفَى عنِّي عِداي طَردَا
ثم أورثَه الأوراد عَن نفسه بلا واسطة المشايخ، فهناك استولى على أمد الفَضائل، فوصَل واتَّصل، فتمكَّن وما انفصل عن جهاده وصدق عزيمة حقّ.
[ يُنظر: كتاب “النفحات المسكية في السيرة البكية” دراسة وتحقيق: أبو مدين شعيب تياو، ومحمد بمب درامي. مطبعة المعارف الجديدة – الرباط، الطبعة الأولى: 1437ه – 2015، ص: (64 -66)، والمنن، ص: (141 وما بعدها)]ولم يذكر أحد من الباحثين والدَّارسين من تلقَّى عنه الشيخ الخَديم – رضي اللَّه عنه – الوردَ التجانيَّ وأما الورد الشّاذلي فقد وردَ في ما يُوحي إلى أنَّه أخذهُ عن الشيخِ بابَ بن محمَّد بن حمد كما أشار إليه صاحبُ الإرواء في إروائِه، ص: (76-77)]
وقال المؤلف: (وقد لقي أيضا جملة وافرة من خواص الشيخ سيدي المذكور سوى أقاربه المتقدمين، فأخذ عنهم وانتفع بهم وتخلق بأخلاقهم، وأخذ الإجازة منهم في تلقين ذلك الورد لمتأهليه وتربية المريدين، وكذلك تلقن الورد التجاني والشاذلي كل منهما عن المتأهلين له الصحيح إسنادهم إلى قطبي الطريقتين، واستجاز منهم فيهما فجدد الطريقة في بلاده؛ فقصده الناس وكثر الآخذون عنه لما شاهدوا فيه من أوصاف الواصلين وتربية العارفين).
وقال الشيخ مُحمد الأمين جُوب الدَّغاني:”… فأول ما أخَذ الناظم من الأوراد الطريقة القادرية وبعدها الطريقة الشاذلية وبعدها الطريقة التيجانية؛ وأما الورد القادري فقد عمل به مدة طويلة وكان يطلبُ فيه الإذن من كل من كان يظنه مقدما فيه حتى أخذه من رجال متعددين، ثم بعد ذلك ظهر له يقينا أن كل من كان يأخُذه منهم ليسوا بمقدّمين، فطلبتُ من الله تبارك وتعالى أن يهب لي فيه ما لا يكُون معه تحيُّر ولا تذبذب، وبعد ما غيبني إلى البَحر وحدي وحده جاءني السيد الأمين عليه السلام وسلب مني كلما أخذته عن الناس حتى لم يبق لي شيء، ثُم أعطاني القادرية بواسطة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – …”. [الإرواء المحقق، طبعة 2017 م، ص: (166 – 167)]
وقد عَمل الشيخُ بالورد الشاذلية مدة ثمانية أعوام كما ورد فِي المنن، وأما التيجانية فعمل بها تلك المدة أو أكثر.
ولا يخفى عليكم أنَّهُ – رضي الله عنه وأرضاهُ – تلقّى أوراد الطرق الصُّوفية الثلاثة القادرية والشاذلية والتجانية من رسُول الله – صلى الله عليه وسلم – أصالة بلا واسطة وجعل الإسلام والقُرآن الكريم وديعتين لهُ.
وفي هَذا المعنى يقول فِي سياق أجوبته عَلى الحاكم العام الفرنسي: “ثم تبيّن له أن الأمر لم يكن كذلك، فغيَّبه الله تبارك وتَعالى في البَحر، فلتقاها [أي الأوراد الثلاثة] من رسُول الله – صلى الله عليه وسلم – بلا واسِطة وجعل الإسلام والقرآن وديعتين له. والله على ما نقُول وكيل”. [يُنظر: المجموعة الكبرى]
تعليم
فليعْلم ولينتبه جَميع العالمين عَلى أن الله تبارك وتعالى أعْطى عَبده خليله حبيبه وخَديم رسُوله وخليله وحبيبه – صلى الله تعالي عليه وعلى آله وصَحبه وسلم وبَارك – الوردَ القادريَّ، والوردَ الشاذليَّ، والوردَ التيجانيَّ، بعد القُرآنِ والحَديثِ وجَميعِ العلومِ النافعةِ تعلُّما وتعليمًا بواسطة أربابِ الأورادِ الثلاثةِ – عليهم رضوان الله تعالى-، وبواسطةِ المُؤلفين عَليهم الرضوانُ والرحمةُ، وأذِنَ له فِي إعطاء جَميع الأوراد وفي تعليم جميع التواليف، بتغيير وضعها كما شاء، والله على ما نقول وكيل.
سُبحان ربِّك ربِّ العزة عما يصفون وسلام على المُرسلين، والحَمد لله ربّ العالمين. [يُراجعُ: المجموعة الصُّغرى المُحقّقة، ص: (163)]
ويُمكن أن نفهَم مِن هَذا الكلام أنَّه – رضي الله عنه – كان المقدّم المُطلق في الأوراد الثلاثة المذكُورة، وأنّهُ أخذهُ من الله تَعالى بواسطةِ أصْحابها.
إعطاء الشيخ الخديم الورد الشَّاذليّ لبعض مُريديهِ
قد أعطى الشيخ الخديم – رضي الله عنه – لمُريده الشيخ سرين عَلي سِك ونَار الورد القادري، والورد الشاذلي، والورد التِّجاني، وكما أعطاهُ ورده الخاصّ المأخوذ من الله تعالى بواسطة رسُوله – صلى الله عليه وسلَّم -.
اعتناءُ الشَّيخ الخديم – رضي الله عنه – بالكُتبِ الشَّاذلية وأحزابها
قد أشار ابنُه الشيخ محمد البشير امباكي – رضي الله عنه – إلى اقنائهِ الكتب الفقهية والصُّوفية أثناء ذكر رحلتهِ إلى موريتانيا في كتابه «منن الباقي القديم في سيرة الشيخ الخديم»، حيث ذكر أنه – رضي الله عنه – ”جعل هَمَّه في جمع الكتب و المطالعة، فجمع كتبًا كثيرةً من فقهٍ وسيرةٍ وتصوّفٍ، ولقي كثيرًا من الرّجال في أثناء تطوافٍ متعدّدٍ، كان الباعثُ عليه البحثَ عن الكتب والرّجالِ وزيارة مواضع الصالحين، فظفر بكُتبٍ كَثيرةٍ ممّا كان في أرضه السّنغال وممّا لم يسبق له وجود فيها، ومما كان في أرض البياضين التي طاف في كثير من أنحائها للرغبة نفسِها.
وفِي أثناء ذلك أيضا لقي من مشائخ الطرق جملةً وافرةً وأخذ من بعضهم شأن رواد متى ما وجدوا من حسن ظنهم به استفادوا منه، لأمر أراده الله له من أن يكونَ ملتقى البُحور ومجمع الخيور. وممن أخذ منه بعض مشيخة الشاذلية، فعمل بوردهم ثمانية أعوام على ما حَكى عن نفسه؛ ثم أخذ التيجانية عن بعض مشيختها المتقدمين، فَعمل بها تلك المدة أو أكثر.
وجمع فِي هَذه المُدد كثيرا من تواليف مشايخ الطرق وعُلمائها كتأليف الكنتي وولده فِي الطريقة القادرية التي أسلفنا لك أنها هي أول ما أخذ من الأوراد وفي سائر التصوف، وكذلك تواليف الشاذلية وأحزابها ككتب ابن عبَّاد وزروق وابن عطاء الله وكذلك كتب التيجانية من جَواهر المعاني، والرِّماح، والجيش، والبغية من أورادِهم فِي التصوف، إلى غير ذلك من الكتب النفيسة لهم ولغيرهم كاليدالي، وابن متَّال، ومن قبلهم من مُدوّني الطريقة الصوفية من المتقدمين كصَاحب القُوت، وصَاحب المدخل، وصَاحب الإحياء وغَيرهم، ومن المأثوراتِ عن الجنيد، وسري، ومعروف، والبسطامين، ورجال الرسالة والحِلية“. [ المنن المحقّق، ص: (57 وما بعدها)]
اعتناء الشيخ الخديم – رضي الله عنه – بحزب البَحر للإمام الشَّاذلي
كان الشيخ الخديم – رضي الله عنه – يعتني بحزب البَحر للإمام الشَّاذلي كما قال الدَّغاني: “وسَمعته يومًا يقُول إنه لم يترك يوما في البحر قراءة حزب البحر للإمام الشاذلي وهو حِزب رفيع كفاك اعتناء الشيخ به”. [الإرواء المحقق، طبعة 2017م 1439ه ، ص: (125 وما بعدها)]
تعظيمُه مشايخ الشاذلية
كَان الشَّيخُ الخديم – رضي الله عنه – يُعظم مشايخ الشَّاذلية قال الشيخ محمد البشير امباكّي – رضي الله عنه -: “… والشاهد على ذلك إسباله الحرمة لهم وﻷصحابهم من أول أمره إلى آخره فما منا مَن لم ير رسَل القادريين يهدي لهم الهَدايا الوافرة، ومشايخ الشاذلية يجلهم ويوفر لهُم النوافل واللهى العظام، من آل حمد وآل مُتال وغيرهم، وكذلك التيجانية لم يزالوا في مواصلة معه ويكرمهم اﻹكرام الزائد، ويجل مشايخهم كاﻷشياخ العلويين الذين كثرت وفادتهم عليه ورفده لهم …”. [المنن المحقّق، ص: (133)]
مدحهُ الشَّيخَ أَبَا الْحَسَنِ الشَّاذَلِيّ – رضي الله عنهما –
قال الشيخ الخديم – رضي الله عنه -: ” بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى مَنْ أَذِنَ لِي فِي أَنْ أَقُولَ أَبْيَاتًا فِي وَاحِدٍ مِنْ آلِ بَيْتِهِ الشَّيخِ أَبِي الْحَسَنِ الشَّاذَلِيِّ كَمَا مَدَحْتُ الشَّيْخَ عَبْدَ الْقَادِرِ الْجِيلِيَّ والشَّيْخَ أَحْمَدَ التِّيجَانِيَّ – عَلَى الْجَمِيعِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى – سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وآَلِهِ وَصَحْبِهِ:
رِضَى اللَّهِ عَنْ شَيْخٍ غَدَا خَيْرَ بَوَّابِ = أَبِي الْحَسَنِ الْفَرْدِ الْعَلِى عِندَ تَوَّابِ
هُوَ الْفَرْدُ عِنْدَ اللَّهِ مَا رِيءَ مِثْلُهُ = بِأَوْرَادِهِ قَدْ جَاءَنِي خَيْرُ أَثْوَابِ
لَقَدْ لَامَنِي الْمُخْتَارُ فِي تَرْكِ ذِكْرِهِ = بِمَدْحِي لَهُ إِذْ وِرْدُهُ صَارَ جِلْبَابِي
عَلَيْهِ رِضَى هَادٍ هَدَانِي بِوِرْدِهِ = وَفُقْتُ بِهِ عِنْدَ النَّبِي كُلَّ أَحْبَابِ
لَقَدْ جَاءَنِي لِلزَّوْرِ حِزْبُ الْعَلِي لَدَى = جُلوسِي بِأَوْرَادٍ جَلَا خَيْرَ بَوَّابِ
نُوابهُ المَشايخ الشِّرافِ الثَّلاثة في أورادِهم
قال الشيخُ الخديم – رضي الله عنه – في قصيدته المطرزة بـ{ويخلقُ ما لا تعلمُونَ} مشيرا إلى أنَّهُ نابَ الشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ الشاذلي الشيخ أحمد التجاني عَن أورادهم:
لِي قُدتَّ مَا فَاقَ بِهِ الْجِيلَانِي = عَلَيْهِ رِضْوَانُ الَّذِي أَعْلَانِي
إِلَيَّ قُدْتَّ مَا بِهِ أَبُو الْحَسَنْ = فَاقَ بِخِدْمَةِ النَّبِي جَدِّ الْحَسَنْ
تَمَّمْتَ لِي بِمَا بِهِ التِّجَّانِي = فَاقَ وَكُنْتَ لِي بِالْمَرْجَانِ
عَلَيْهِمُ الرِّضْوَانُ وَالسَّلَامُ = كَمَا بِهِمْ قَدِ انتَفَتْ ظَلَامُ
حُصُولهُ رِضوانهُم
فلما حصَلَ الشيخُ الخديم – رضي الله عنه – رضْوانهم أنشد قائلا:
رَضيَ عَنِّي سبطُهُ الجيلَاني = عَليهِ رضوانُ الَّذِي أعلاني
رضيَ عنِّي سبطُهُ أبو الحسَنْ = عليه رضوانٌ يُخلِّدُ الحَسنْ
رضيَ عَنِّي سبطُهُ التِّيجَانِي = عليهِ رضوانُ مُبيدِ الجَاني
وقد قال العالم الجليل محمد البشير بن الشيخ الخديم في هذا الصدد:
يا رائمَ الكمالِ في السَّعادةْ = من طرق المشائخِ الثلاثةْ
طريقةِ الشيخِ الإمام الجِيلي = والشَّاذليِّ الحائز التفضيلِ
ثم أبِي العَباس فَخر الكُملِ = مَن حُكمهم في القَصد حُكم الأولِ
مع خصائِصَ لكل يحتَوي = بها طريقُهُ اختصاصًا قد رُوي
فالتزمَن طريقةَ العبدِ الخَديمْ = من خَصَّه بإرثهَا الربُّ القَديمْ
بقلم الأخ الحقير سرين امباكي جوب خضر الطوباوي خريج معهد الدروس الإسلامية
بطوبى دار القدوس مدرس اللغة العربية والشريعة في معهد الخليل الإسلامي
يوم الثلاثاء 02 ذي القعدة، 23 يُونيو 2020م
الهوامشُ:
1- يُنظر: مقدّمة البحث الموسُوم بـ( الرّوابط بين الأسر الدّينيّة في السّنغال وأثرها على استقرار المجتمع)، إعداد الطّالب / خادم شيخنا امباكّي عبد الودود الطّوبويّ.