مقال: حقيقة سياسية أم حلم حقيقته خيالية

مقال: حقيقة سياسية أم حلم حقيقته خيالية
أساليب رؤساء السنغال
إن السّياسة السّنغالية مرت بمراحل بأساليب واستراتيجيات وخطط متنوعة، فكل رئيس مع أسلوبه الخاص الذي ينتهجه ابتداء من الرئيس ليوو بول سيدار سيغور إلى أيامنا هذه مع الحكومة الحالية مع النمط الشرير من الخداعات البشعة القذرة.

فمن هنا تأتي مجموعة من التساؤلات تطرح نفسها وهي؛ماذا تعني السياسية و مامفهومها في الجو السنغالي؟ ماهي تلك الاستراتيجيات التي مرت بها سياستنا السنغالية؟ماالتي ستكون مستقبل بلاد السنغال سياسيا؟
في السطور القادمة سنحاول إلقاء الضوء على هذه التساؤلات وفقا للنقاط التالية :
مفهوم السياسة وخاصة في الواقع السنغالي.
أساليب سياسة رؤساءنا.
مستقبل السنغال السياسي.

مفهوم السياسة
إن كلمة السياسة بالعربية تقابل لفظ”بوليتكس “بالإنجليزية واللفظ الانجلو_لاتيني مركب من كلمتين ،الأول:”بولي “مشتق من أصل لاتيني وتعني لغويا “الكثير “،والمفردة الثانية:تيكس”تعني في الأصل الإنجليزي :طفيليات مصاصة للدماء “وهكذا تأتي معنى الكلمة “بوليتكس “كثير من طفيليات مصاصة للدماء ،فربما هذا المعنى استعمله الغربيون وأخذوا منه سياستهم لباقي شعوب العالم ،وفي موسوعاتهم الحالية تشير كلمة “بوليتكس “(فن إدارة المجتمعات الإنسانية).

وأما مفهوم السياسة السنغالية عبارة عن مخادعة ومجاملة وجدال ومراشقة أحجار الكلام الجارحة، أوهي الركود في البحث عن المصالح الشخصية ،أو بتفسير آخر محاولة التحكم على الشعب من خلال وعود مزيفة وطرحات مفبركة من أجل الحصاد على السلطة.

أساليب سياسة قادتنا
يمكن القول في نصف القرن بعد استقلال بلادنا من السيطرة المباشرة لسلطات المستعمرين، مرت سياسة السنغال بأسلوبين.
1*الأسلوب الأول وراثي ونيابي عن حكومة الاستعمار.
مما لايخفي على أي أحد منا ما كان يجري في وطننا أيام أولئك المستبدين للحقوق الإنسانية وكرامتها، لكن لما فشلت خطة القوة العسكرية لجؤوا إلى برامج أخرى لتنفيذ رغباتهم ،فنصبوا رؤساء من أبناء شعوبنا ونفخوا فيهم روح البيضنة متنكرين في خدمتهم بياضا نهارا .
×الرئيس سيغور إنه لم يسع قط إلا لمصلحة المتفرنسين، وضعوه على رئاسة الحكومة بعد أن غسلوا عقله بكلما سيثير شوكته من الشعور بالزنجية، وأصبح لايبالي ولايتصور مستقبل البلاد وهو لا يفكر في جيل زمنه فكيف بالأجيال القادمة.
إنه وفق أمام وضد كلّ المناهضين الذين فدحوا أرواحهم طيبة بذلك نفوسهم لأجل شعوبهم وكرامة بلادهم بل وللانسانية جمعاء، وقف ضد# عجيب زمانه البسفور العالم الأنتربلوجي شيخ أنت ديوب# الذي لم يزل في عصره يشير ويعطي تنبآت في مستقبل تقدم بلاد السنغال وعلى الأفريقية بشكل عام، فقد ألقى نبراسا على أن التقدم لايتماشى مع الأخذ باللغات الأجنبية لتثقيف أبناء مجتمعاتنا،ورمى سيغور هذه الأفكار وراء الذفرى وتمسك بتلك المسمومة بثقافة الاستعمار، وهي كما قال الجنرال ديغول:إن اللغة الفرنسية حققت ما لم يحققه الجيش الفرنسي.
وليوو بولد لم يقتصر على النيابة عن المستعمرة بل أورث الحكم لتلميذه المدرَب بيديه أعواما# عبد جوف# وأوحى إليه دستورهم ،فإنّه لم يُنشئ شيئا جاء ليخوض مع الوطن إلى غار العبودية، فبدوره توسع مجال السّلطات الاستعمارية فتوغلوا في نظام الحكم وصرفوا هيكل النظام الدولي إلى الخصخصة (تخصيص ممتلكات الدّولة إلى الأفراد، والدّولة دورها السيطرة ) فأصبح الفقر يعمّ أرجاء البلاد.
#فيسغور وعبد جوف #على حد سواء سلكا أسلوب السياسة النيابية التوريثية، رغم أنّهما فشلا في خططهما في نهاية المطاف بتوريث مصطفى انياس وتسليمه للسلطة بظهور مجموعة من السّاسة يتبنون منهجا آخر فسح لهم المجال إلى الحكم.

2×أمّا الأسلوب الآخر أسلوب ديني مختلق، فعبد الله وادّ رجل ماهر وسياسي مخضرم، لما اكتشف أن الشّعب يبدؤون يملّون من ظلم الاستعمار الفرنسي سن ضربا آخر لسياسته بتفكير عبثي مزيف بزينة الدّين، ليختفي وراءه.
انظر كيف وصل إلى الحكم بهذا المنهج، اعتبر نفسه رجل دين ويختبؤ خلف الطرق الصوفية ليحشرهم إلى ملعب السّياسة فاندفع جلّهم إلى اتّباعه فوضع خطة التّدين وسيلة خاصة به!
وهكذا تتابع في جمع الشّعب ،جعل بينه والطريقة المريدية علاقة متينة ،واوسط إدريس سيك بينه والطريقة التيجانية صاحب الأسلوب الوعظي المتدلل بالآيات القرآنية والأحاديث ،وكان أبوه يتمتع بالتميز في ذلك المنهل الصوفي، وفي جهة أخرى تمكن من ربط العلاقة بينه وبين الدين المسيحي الذي يقتنعه بعض الأفراد في الدولة وفي سبيلها استعان بزوجته التي حازت بالتقدير في “البروتستانتية المسيحية”.

××÷××وهاهو ماكي صال إلى الحكم بعد نصف القرن من السيادة الوطنية ،إنه تلميذ لعبد الله وادّ بعد أن علّمه الصيد والقناص زيادة إلى خبراته الشخصية فاستطاع أن يغتصب السلطة على يده.
× والرئيس الحالي استعمل منهجا تجمع جميع الأساليب السّياسية_ الاستبدادية الديكتاتورية _ التّدين المختلق _البدائل _المداراة _الحوار….الخ.
كما يجتمع في شخصيته جميع متطلبات السّياسة السّنغالية من دهاء _وسرعة البديهة _قراءة الواقع – استشراق المستقبل – الاختلاط المناسب مع الغير – ضبط النفس.
فكل من لاحظ من المحللين سيرى أن أسلوب الرئيس ماكي صال فور وصوله للحكم كان يقوم على أساس الديكتاتورية باعتقال المعارضين لسلطته وإلقاء القبض عليهم، احتجز أكبر معارضيه #كريم وادّ# وخليفه صال #وجيمري سانيا المغامر بحياته #،وحين كثرت الأقوال في شأن دينه تعرض للخضوع أمام السلطات الدينية، واستعمل أسلوب البدائل لما غلبت به الظنون في مناصب بعض الشخصيات تعرقل رئاسته وسحب منصب الوزير الأول وتقليل سلطات الوزراء ،كما أجرى حملة استفتائية فيما يخص البنود من دستور البلاد .
_فلما انقضى عهد حكومته الأول ،دخل مرحلة جديدة بمدارة المعارضين وإبعاد المشددين من حكمه، كما عقد تجمعات سياسية ومحاورات اتفاقية.
وهذه التجمعات نتيجتها إقناع بعض المعارضين وخاصة الأكابر بإدماجهم داخل سلطته وفتح معهم صفحة جديدة.
• *إدريس سيك* رئيس المعارضين للحكومة الفيصلية في نهاية اللّعبة جاء كأكبر لاعب في الميدان، فخدع كل المساندين له وكلّ من ضحوا حياتهم لأجله وضع ركبتيه ساجدا أمام الرئيس الداهي فلولاّه منصب رئيس المجلس الاقتصادي والبيئي والاجتماعي وهو بنفسه كان يرفض هذا المنصب صراحة بلسانه كما طالب بإخراجه من مؤسسات الدولة ،ثم خان حزبه وأتباعه ساعيا كنسر رأى ميتة جديدة على الأرض مسرعا إلى التمتع بها،ياله من فقد الضمير والإنسانية، فإنه إذا كان يريد تقدم البلاد ما الذي دفعه يلتف وراء من عجزوا عن إيجاد التقدم كما وصفهم به في تصريحاته الأولية.
• فالآن واضح وضوح القمر أنه لم يقصد من سياسته إلى مصلحته الشخصية وحبه للملك إنه يسبّ العذرة ثم يأكلها شؤرا وبقية بفمه ولا يبالي.
مستقبل السياسة في السنغال
أوجه كلماتي التعازية إلى بلدنا الذي مات بانفصال جسده عن رأسه، إن مافقدناه أهم شيء في تقدمنا وهو القيادة الحكيمة الرشيدة وهي الروح التي تحمل الطاقة الحيوية له .
فهذا الوضع الحالي وما قبله يعطي نسبة خمسين بالمئة من مستقبل سياسة وطن “تيرانغا”،كل واحد من السياسيين يدعي حبه للوطن وإذا وجه عباراته الأنيقة وتصريحاته المقنعة واكتسب ثقة المجتمع فولّوه، لكنه فور وصوله للحكم ينسى كل الوعود فيخونهم.
_فمسيرهم يدل على مصيرهم، أصبح الكذب والخيانة عادة حسنة لهم ،فكيف في الأجيال القادمة سيكونون في أسوإ حال فكل يوم يزداد الطين بلة وينقلب الأمور رأسا على عقب.

وأختتم بإرشادات إلى المجتمعات الإفريقية وخاصة الشعب السنغالي ،آن الأوان لنستيقظ من نوم الغفلة عن قادتنا الذين نختارهم علينا لا نتغررْ بمجرد أقاويل لا تسمن ولاتغني من جوع ،لاتبيعوا ياأصحابَ الكرامة مجدكم وأمانة بلادكم بأموال تقدمها السياسيون إليكم، فإن هذه مسؤوليتكم وستألون عنها يوم القيامة، فمن باع حريته لأجل مصلحته الشخصية كمن باع لحم شعبه ودمه، لأن بلادَنا بلادُنا لحمنا ودمنا، من أجل حريته واستقلاله غاض أنهار دماء أبطالنا أمام جيوش المستعمرين،يا أيها السياسيون خططوا ودبروا لما شئتم لكن القوم المخلصون لايرضون بذلك مهما كلفت الأمر حتى أرواحهم.

أحمد بمب ديوب طالب في جامعة شيخ أنت ديوب بدكار، طالب متربص في المركز الإقليمي لتكوين العاملين فى التربية بدكار.
حرر بدكار /جامعة شيخ أنت ديوب/ زوال يوم الأربعاء 04/11/2020.