
: الشيخ أحمد الصغير لوح في سطور!!!
: الشيخ أحمد الصغير لوح في سطور!!!
هذا الشيخ البسيط أمام هذا الكوخ البسيط، كان عالي الهمة، قوي الشكيمة، عظيم التوكل، آية في القناعة، مثالا في التواضع. يتيه القلم عندما يحاول أن يعرب عن شيء مما فتح الله عليه في تعليم القرآن ونَفْعِ العباد والبلاد.
مَثَلُه كمثل رجل نزل بواد قفر غير ذي زَرْعٍ، فسقاها بعرق جبينه؛ دحا الأرض وأخرج منها ماءها فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، فتدفقت الأنهار، وازينت الأشجار، ورفرفت الأزهار، وزغردت الطيور، وانطلق العبير، وَأَمَّهُ الناس من كل صوب وحدب، عاشوا فيها في بحبوحة سواء العاكف فيها والباد، بل تحولت إلى سلة غذائية تُجْبَى منها ثمرات كل شيء نفعا للبلاد والعباد.
هذه الصورة تُقَرِّبُ جهود الشيخ في تعليم القرآن الكريم، فقد بدأ –بأمر من سميه وشيخه الروحي شيخ الكبير مباي–بتلاميذ يُعَدُّون بأصابع اليد الواحدة، لكن بكمال توكله على الله، وتفانيه في خدمة القرآن الكريم، وإخلاصه في نفع الآخرين، وتذليل الصعاب لهم دون أن ينتظر منهم جزاء ولا شكورا، بكل هذا سخر الله له تلاميذه وأبناءه الروحيين وخَلَفًا طيبا؛ ساروا على ركابه واحتذوا حذوه، جعلوا كل همتهم في مواصلة المسير، وتحقيق ما كان يصبوا إليه الشيخ من مشاريع تنحصر كلها في تعليم القرآن الكريم، والتربية الحسنة، وإخراج نموذج مثال في المواطنة الصالحة؛ إنسان يسعى في هذه الحياة ليكون فيها شيئا مذكورا، وليكون له منها شيء. هكذا حولوا هذا الكوخ والساحة التي كانت الفصل والمأوى؛ يقرأون فيها القرآن الكريم نهارا ويفترشونها ليلا، حولوها إلى بنايات شاهقة، وصالات عظيمة، وأبهاء كبيرة، وبنوا فيها عيادة طبية .
بفضل العناية الإلهية ثم بإخلاص الشيخ وبهذه الجهود المباركة انتقلت المدرسة من محطة إلى أخرى، وما تأتي من محطة إلا وهي خير من أختها. ما زالت البنايات تُرفع، والمشاريع تُحَقَّقُ، وطرائق التدريس تتحسن، والنجاحات تترى، والآيات تُتْلى، ودَوِيُّ القرآن يعلو، وأجواء كوكي ترتج بالقراءات العطرة، والحال يتغير من حسن إلى أحسن، وأعداد التلاميذ تزدادـ؛ حيث يبلغ عدد المتعلمين فيها في هذا الوقت بالذات أربعة آلاف متعلم ومتعلمة، يبدؤون بحفظ القرآن الكريم وإتقانه، ثم يتدرجون في المراحل الدراسية ما قبل الجامعة كلها فيها. وينتقل المتعلم بين هذه المراحل كلها مجانا بكفالة تامة تشمل الدراسة والنفقة والسكنى والعناية الصحية. بل لا تزال المدرسة عينا ساهرة على أبنائها حتى بعد التخرج والتوظيف أو العمل الحر داعِمة ومُساعِدة ومُيَسِّرَة ومُستشارة وباحِثة عن حلول لما قد تلوح في الأفق من عقبات قد تحير الخريجين. ويصدق فيها والقائمين عليها قول القائل:
وَنُكْرِمُ جارنا ما دام فينا ،،، ونُتْبِعُه الكرامة حيث مالا
تخرج من مدرسته آلاف أخذوا منه هَمَّ نشر القرآن الكريم وتعاليمه الحنيفة، وبناءَ إنسان ناجح نافع غير ضار. وإذا أردت أن تعرف حجم عمل هذا الشيخ الفاضل فانظر إلى مؤسسة مدارس منار الهدى الإسلامية التي بناها –بإذن منه– تلميذُه وساعدُه الأيمن المرحوم الشيخ أحمد مبارك لو، وتخرج منها مئات من المدرسين والدعاة والمصلحين، وعشرات من المفتشين والدكاترة. أو انظر إلى معهد الشيخ أحمد صغير لو بِبُونْ الذي أسسه تلميذه الشيخ بارا انيانغ حيث حفظ منها القرآن الكريم في هذه السنة فقط 118 مئة وثمانية عشر ما بين حافظ وحافظة.
لله در الشيخ أحمد الصغير لو!، بارحت روحُه هذه الحياة الفانية –ولم يُخَلِّفْ وراءه من حطامها شيئا سوى دُرَيْهِمَاتٍ معدودة– بعدما أوقد الجذوة، وغرس في كل شبر فسيلة، وعلق على الأجواء بدورا ينيرون: فكم من جاهل تعلم بين يديه، وكم من ضال غوي اهتدى بسناه، وكم من نكرة بين قومه عَبَّ من معينه فصار من بينهم كالشمس ضياء؛ يَؤُمُّ، ويَأْمُر فَيُطَاعُ، ويدعوا فَيَلْتَفُّ الناس حوله عِزِين. جازاه الله خير ما جازى معلم قرآن مخلص، وجعل ما يتلى في هذه المدرسة والمدارس التابعة لها من أعماله الصالحة التي لا تنقطع.
أيها القارئ لا تقل فقط “يا ليتني فيها جَذَعْ”، فما زلت فيها جذعا؛ ما زال باب المشاركة في هذا العمل الإسلامي والإنساني مفتوحا بمصراعيه؛ احضر في ملتقاها السنوي يوم الأحد 27/12/2020م في قرية كوكي، أو سجل في الوقف، أو أرسل معونة ولا تحقرن من المعروف شيئا.
كتبه الأخ/ بابا آمد فال