العمل والمستجدات

الشيخُ سَرين عباس امباكِّي Serigne Abass Mbacké خَليفةُ الأسرة الإبراهيميةِ

الشيخُ سَرين عباس امباكِّي Serigne Abass Mbacké خَليفةُ الأسرة الإبراهيميةِ

اسمُه ونسبهُ

هُو الشيخُ سَرين عباس امباكِّي الخَليفة الرَّابع للأُسرة الإبراهيمية وُلد في سنة 1926م وهو ينتسبُ إلى ولدين كريمين هُما: ابن الشيخ إبراهيم فاط امباكّي بروم دار Mame Thierno Borom Daro بن مام مور أنت سَل امباكي بن مام بلّ عيش امباكي بن مهرم امباكي، و السَّيدة سُخن كُمبَ فال Coumba Fall ، وقَد سَماه والده بِعم رسُول الله – صلى الله عليه وسلّم – سيِّدنا العباس [1] بن عبد المطلب لشَغفه الشَّديد بالأصحَاب الذين كانوا أسُودا عَلى الأعداء ومَصابيح الدُّجى، وقال الشيخ الخديم – رضي الله عنه – في قصيدته ” جالبة المسرَّة ودافعَة المضرة ” وهو يتوسل بأولي الفهم من الصَّحابة والراسخين في العلم وهو منهُم:
يا ربَّنا بحُرمة العبَّاس = وحمزةٍ عمَّي رئيسِ النَّاسِ
هبْ لي تفضُّلنْ قَبولَ العمَل = وعظمَنْ بُشرايَ يَومَ الوجَل

وفي هذا المضمار يقول الشاعر الولفي الشيخُ سرين موسى كاه – رحمه الله تعالى:
Baayup tëxu njool Makka mooy Abasi = Fégal nu buusa, wa balaa kabaa’a si

وكان والدُه من أقرباء وتلامذة الشيخ الخديم – رضي الله عنهما – الذي قرّبهُ إلى نفسهِ وجَعله مُستشاره الخاص وعضده الأيمن الذي يُساعده في تسيير شؤون الطريقة، وينوبُ عنه في الأمور الدينية والدنيويةِ .

وقد أكَّد الشيخ الخديم – رضي الله عنه – في كثير من المناسبات هذه الثقة غير المتناهية في أخيه إبراهيم، وليس أدل على ذلك من استخلافه في تولي أمور الطريقة أثناء غيابه الطويل في المنفى. [ينظر: “المريدية: الحقيقة والواقع وآفاق المستقبل”، للمرحوم الشيخ محمد المرتضى امباكي شيخ فاط، مطبعة المعارف الجديدة، 1432ه‍ 2011م، ص: (74 – 75)].

وقال أيضا: “اصطفاهُ أخوه الأكبر بعد وفاة أبيهما مام مور أنتا سَل امباكّي ليعتَني شخصيا بتربيته، فرباه تربية صُوفية صالحة، وذلك ليعهد إليه فيما بعد بتعليم وتربية أولاده الكبار ومُريده الأوائل، وليقربه إلى نفسه واضعا فيه ثقته الكاملة جَاعلا منه مُستشاره الخاص، وأمين سِرّه، وعضده الأيمن الذي يساعده في تَسيير شئون الطريقة، وللنيابة عنه في المُعاملات الاجتماعية والمناسبات الخاصّة والعامة. [ينظر: “حياة الشيخ إبراهيم فاط امباكي”، تأليف: المرحوم الشيخ محمد المرتضى امباكي شيخ فاط، ص: (8- 9)]

“ولم يكُن يدخل في شَيء إلا بعد أن يستأذن أخاه وشيخه الشيخ الخديم الذي كان بِدوره يشاوره في الأمر، ويأخذ رأيه الشديد في كثير من الأمور التي تختص بالأُسرة والمُريدينَ”. [المصدر نفسه، ص: (10)]

وعلاوة على ذلك، كان الشيخ الخديم – رضي الله عنه – يشهد الناس قائلاً بأنَّهُ : “عَضده الأيمن وأمين سرّه الخاص الذي يعرف عنّه أسرارا وخَفايا لا يُشاركه فيها أحد، ولكنه كتوم لا يفشي سرًّا، وأنه يهدي إليه كل ممتلكاته ولا يسألني ما أملك”. [المصدر نفسه، ص: (11)]

مرحلة تعلّمه

وفد المترجم لهُ لما بلغ سن التعلّم إلى مدينة دار جوب ليتعلّم القرآن الكريم ومكث فيها مدة طويلة، ثم ارتحل منها بعد وفاة والده الكريم إلى مدرسة أخيه العالم العلامة سَرين محمودا كس Sëriñ MAHMADANE Mbacke سنة 1943 ه‍ وكان عُمر المترجم لهُ آنذاك سَبع عشرة سنة وقد تعلم على يَدي أخيه المذكور جمٌّ غفيرٌ من أعلام المريدية – ونهلُوا من مناهله العلمية الصافية؛ فاستفادوا كثيرا من عِلمه حتى أصبحُوا علماء نحَارير متضلعينَ من شتَّى فنون العلوم .

يقول سَرين محمد البشير امباكي أنت انيانغ في كتابه “الشيخ إبراهيم فاط في أيامه الخالدة” : “ولكن الشيخ محمودا امباكي كُسُ ما زال يمثل أوامر شيخهِ ووالده ويعلم الناس العلوم الدينية، وجميع أنواع العلوم العصرية في قرية دار كُسُ التي أسّسها والده الشيخ إبراهيم في سنة 1922م، وممن تخرج ممن مدرستِه العالم الأديب الشيخ حمزة امباكي، والشيخ عباس امباكي، ومؤلف هذا الكتاب محمد البشير، وابن أخته العالم الألمعي شيخنا لوح، ومصطفى بن محمد الحبيب، ومصطفى ابن محمد حوى بل، وإبراهيم بن الشيخ حوى بل، والشيخ بن عبد القدوس، وعبد الصمد بوسو، ومحمد بن بار قرج، وعبد الرحيم بن مصمب جوب وآخرون كثيرون من البكيين والأجانب، فجزاه الله تبارك وتعالى الدُّنيا والآخرة”.

من سَجاياهُ وأعماله

هُو العَابد العَادل والتقيّ والعامِل الذي ورث من والدِه الشُّجاع الأخلاق الحَميدة كالشفقة بالمُسلمين و الاهتمام بالزراعةِ [2] والصَّلوات المكتوباتِ والعناية على العِلم وأهلهِ يَحثُّ جميع الأتباع على العبادة وخُصوصًا منهُم أنجاله لمَعرفته أنَّ الإنسان لا ينجو ولا ينتفعُ عند حُلول رمسِه إلاَّ بِعملهِ، وكان بالقُرب من أخيهِ الشيخ محمد حواء بل امباكي فلما تُوفي سنة 1982م لازم أخاهُ الوليّ النَّاصح والعالم البارع البارّ الشيخ عَبد القُدوس امباكّي إلى أن وافاه الأجل المحتوم يوم الثلاثاء 22 من شَهر أفريل سنة 2003م 19 صفر 1424ه‍ فبايع الخليفة الزَّاهد الشيخ سرين شِيخ خد امباكي نجل مام جيرن إبراهيم فاط امباكّي المتوفى 2016م.

ومن القُرى التي أسَّسها الشيخ سرين عباس امباكّي – حفظه اللهُ – كَمِرِينْ CAMARÉN إحدى دُور تربيتِه التي وهبها لابن أخيه سرين محمد البشير امباكي عبد القُدوس في سنة 1990م، ثُم انتقل منه مرُورًا بـ”كُمْبِينْتُومْ” فَحلَّ في مَرِينَة التي تبلغ المَسافة بَينها وبينَ دار المُعطي 3000 كلم، فَأسَّس فِيها دار التربية للتَّعليم والتَّربيةِ والعِبادةِ، وقد جعل الزراعة مِهنته المُفضلة؛ لأن الإنسان لا يُمكن أن يعيش بدُون عَمل يعتمد عليهِ وهو يعيسُ من عرق جَبينِه، ومن أبرز معالم شَخصيتِه البارزة أنَّهُ يُحبُّ جَميع إخوانِه حُبًّا جمًّا وسمى أكثرهُم بأبنائهِ كما رَويناهُ عن المُؤرّخُ امبَي صِلّْ دار المُعطي.

قد تَولّى الشيخ عباس امباكّي – حَفظه الله تعالى ورعاهُ – الخلافة بعد وفاة الخليفة الزَّاهد النَّاصح السَّاكت الصَّالح سرين شيخ خَد امباكّي في يوم الأربعاء 05 جِانفي 2016م في دار المعطي، وُوري جُثمانهُ بالقُرب مِن ضَريحة والده الشيخ إبراهيم فاطِ امباكّي وكان عند حدوث هذا الحدث الجليل في قريته دار السلام قرب تَمباكُوندا ومنها وفد إلى دار المُعطي، وهو أيضا الخَليفة الثَّالث عَشر لبَنِي بَلَّ أولاد نسبة إلى مَام بَلَّ عيشَ امباكي جدّهم، حيثُ يحتفظُ حَاليا عَلى المُصحفِ الذي يطلق عليه باسم “مَكّْمُومْ” الذي يَرثهُ أكبَر وأسَنُّ أولاد هَذا الجَدّ الكريم الذي كتبه الشيخ ممر أنتَ سَل امباكّي لوالده.

ومن مَشروعاته الجبارةِ التي يسعى إلى تَحقيقهِ – أتمَّ الله نيَّتهُ ومٌراده – تَوسيع مدينة والدهِ دَار المعطي ومسكن بُروم دار التي يُوجد فيها مع تشييد مدرسة الشيخ إبراهيم فاط امباكّي فِي عقرها، وكذلك بناء مكتبة إسلامية كبيرة ومركز للبحث العلمي فيها فالله تعالى ندعُو أن يمده عُمرا مَديدا وأنْ يَحَفظهُ في حِصنه الحَصين وكنفه المنيع.

بقلم الأخ الفقير إلى الله سَرين امباكي جوب خضر الطوباوي خريج معهد الدروس الإسلامية ومدرس اللغة العربية فِي معهد الخليل الإسلامي

مساء الخميس 09 شهر شعبان 1439 ه‍جرية 26 أفريل ‍2018 ميلادية

الهوامشُ:

1- هو الصحابي الجليل عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، وأُمُّها هي أمُّ الفضل لُبابة الكبرى الهلالية من بني عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة؛ كُنيت بالفضل ابنها؛ وهي لُبابة بنت الحارث بن حَزْن أخت ميمونة زوج النبي – صَلَّى الله عليه وسلم – لأبيها وأمِّها، ويقال: أنها أول امرأة أسلمت بعد خديجة؛ فكان النبي عليه الصلاة والسلام يزورها، ويقيل عنها، وروت عنه أحاديث كثيرة، وكان العباس ابن عم رسُول الله – صلى الله عليه وسلم -، كان يقال له: الحبر والبَحر، دعا له النبي – صلى الله عليه وسلم – بالعلم والفهم والفقه في الدِّين، تُوفي سنة ثمانية وستين للهجرة.

وعن سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أُتي بشراب، فشرب منه وعن يمينه غلام، وعن يَساره الأشياخ ( أي مسنّين)، فقال للغلام: (( أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال الغلام: لا والله يا رسول الله، لا أوثر بنَصيبي منك أحدا، قال: فتَلَّه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في يَده )) [ أخرجه البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الأشربة، حديث رقم 5620 ].

هذا الغلام هو عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – حبر الأمة وففيهها، تلَّه بالتاء المثناة فوق: أي وضعه.

يقول ابن تيمية – رحمه الله – : “ابن عباس هو حَبر الأمة، وأعلم الصحابة في زمانه ..، وقد ثبت عن النبي – صلّى الله عليه وسلّم – أنَّه قال: «اللهم فقهه في الدين، وعَلمه التأويل» .

ومما يُنسبُ إليه قوله:
وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الـ = أَرْضُ = وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ
فَنَحْنُ فِي ذَاكَ الضِّيَاءِ وَفِي النُّو = رِ = وسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ

[ينظر: “شرح الزرقاني على “المواهب اللدنية بالمنح المحمدية” ج 1، (220 – 221)]

2- ومما يدلُّ على عِناية والده بالزّراعة ما قالهُ الشيخ محمد البشير امباكي – رضي الله عنه – في كتابه المنن: “قال الشيخ الخديم لمُريده وأخيه الشيخ إبراهيم فاط امباكّي حين خُروجه لغييته البحرية: “وأستودعكم الله لا تضيع ودائعه. عليك بالعلم والتعليم والحرث، وإليك الأهل العيال أمكث هنا ما أمكن وإذا نبا بك فارجع إلى بول”. [ينظر: كتاب “منن الباقي القَديم في سيرة الشّيخ الخديم” بتحقيق الدُّكتور شقرون، مطبعة المعارف الجديدة، 2012م، ص: (78)]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock