
السُّلْطَةُ لِلشَّعْبِ لا لِلْمُنْتَهِزِينَ !!!
السُّلْطَةُ لِلشَّعْبِ لا لِلْمُنْتَهِزِينَ !!!
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله القائل في محكم تنزيله: ” ولو كنت فظّاً غَلِيظَ القلب لانفضُوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذاعزمت فتوكل على الله…” وقال أيضاً : ” قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يُورثها من يشاء من عباده والعافية للمتقين” .
وصلاة والسلام على المعلم الأكبر والقدوة الأعظم سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل: ” إِنَّ الرِّفْقَ لاَيَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ”.
أخي المواطن أختي المواطنة، السنغال في قبضة أعمال الشغب العنيفة على خلفية اعتقال قائد أحزاب المعارضة السياسية في السنغال السيد عثمان سونكو بتُهمةِ الإغتصاب.
أبناء الوطن الأعزاء، يؤسفنا أن نلاحظ أن السنغال تمرُّ بأكثر اللحظات إثارة للقلق في تاريخها السياسي.
في مواجهة هذا الوضع، لا يسعُني إلاَّ أن أعرب عن شعوري بالقلق بشأن عدم استقرار بلادنا.
طالما أشادت أعظم الديمقراطيات في العالم حُكم القانون والاستقرار لدينا. لكن هذه الصورة بدأت تتراجع في مواجهة هذا الوضع، كمواطن عادي، نُعرب عن تضامني مع السيد عثمان سونكو، نتمنى أن يسمح له الرب بالخروج من هذه المحنة الشديدة التي يعيشها حاليا.
ونُدِينُ عمليات القتل والتخريب، ونقدم تعازينا لعائلات هؤلاء الشباب الذين هم من أبناء الوطن والذين فقدوا حياتهم خلال هذه المظاهرات الجارية في عموم البلاد.
كما نُوجِّهُ نداءً رسميّاً إلى فخامة الرئيس مكي سال وجميع معاونيه لإيجاد حلٍّ ترضيه في أقرب وقت ممكن من أجل سلامٍ دائم، وهو الضمانة الوحيد لبقائنا.
كما ندعوا جميع أصحاب المصلحة( الزعماء الدينيين والسلطات العرفية والمثقفين والمجتمعات المدنية والسياسية والاقتصادية إلخ… ) للعمل حتى يتم إعادة اكتشاف مسار التوافق هذا بسُرعةٍ.
في الأيام الأخيرة، أطلق النظام القائم حملة تضليل كبيرة حول الوضع الحالي في البلاد، بعد وزير الداخلية أنطوان فيليكس جُومْ، إدريس سيك الذي خان الشعب السنغالي مراراً وتكرارا على مواقفه السياسية، جاء دور أيشة تال سال وزيرة الخارجية التي قالت بدورها أكاذيباً في مقابلتها مع قناة فرنس 24 الفرنسية.
نُحاولُ من خلال هذه السطور إلى حد كبير هذه الاستراتيجية التي تم النظر فيها بعناية من قبل الحكومة السنغالية العكس الوضع وخِداعِ الرأي العام بشأن الأسباب الحقيقية للانتفاضة الشعبية في السنغال.
وأنا شخصيا أرى أن هناك عوامل دافعت المتظاهرين إلى الشوارع وسنأتي إليها لاَحِقاً .
من الواضح أن أساس الخلاف سياسي مع اعتقال زعيم للمعارضة السيد عثمان سونكو معروف بأنه قريب من الشباب ويلعب بالورقة المناهضة للنظام لعدة أشهر وسنوات، تم اعتقاله وهو في طريقه إلى المحكمة بطريقة مبرمجة – حسب رأيي- اعتقال هو سبب الغضب الذي يختمر منذ شهور. كان هناك سَئِمٌ عامٌ في المجتمع السنغالي. لقد وصلت البطالة الشباب إلى مستويات قياسية، وتضرر اقتصاد بلادنا بشدة من فيروس كورونا “. وباعتبار فرنسا الداعمةالرئيسية لحكومة مكي سال، كانت اللافتات مستهدفة بشكلٍ رئيسي.
نعتقد أن أعمال الشغب هي نتيجة كل هذا الغضب مجتمعة.. انحدار الوضع في السنغال من ذلك الحماس العارم نحو الوحدة، إلى الرجاء بتوحيد. كان ذلك الزمان الذي كانت تهتف فيه الجماهير السنغالية بالوحدة الوطنية والحلم الوطني في أن تصبح السنغال أمة واحدة رائدة لها وزنها في الساحة الإقليمية والدولية وذات مساهمات كبيرة في الحضارة الإنسانية، وحلَّ مكانها الآن زمان تتكاثر فيه الانقسامات والحزبيات التعصبية والانشقاقات ومفرخات الجماعات من كل طيف وصوب والتي تتغذى على النسيجين الاجتماعي والأخلاقي، وتؤذن بمزيد من الأحزان والآلام التي قد تقهر المواطن السنغالي.
هناك من يحمل القوى الاستعمارية الغربية مسؤولية تمزيق الشغب وتفتيت الوطن السنغالي. لكننا لا نستطيع حقيقة أن نهرب من مسؤوليتنا بهذا الصدد. القِوى الاستعمارية تتدخل، ومعنية دائما لإضعاف الدول إفريقية وتطويعهم والسيطرة على حكامهم ومقدراتهم وسَوْقِهم بالطريقة التي تشتهي، لكن الاستعمار ماكان ليتمكن منا لولا الثغرات الكبيرة الموجودة أصلاً في نسيجينا الاجتماعي والأخلاقي، وأهم هذه الثغرات تتمثل في أعمدة الفتنة في إفريقيا والذين يسهرون ويصرون على تمزيق الأمة وإبقائها مختلفة ضعيفة مطواعة خدمة لمصالحهم ومصالح الأجنبي الذي يوفر لهم الأمن ويمدهم بالقوة الكافية للاستمرار في سياساتهم.
أولاً: الحُكَّامُ هم الذين يمتلكون السلطة وأسباب القوة والإمكانات المالية والمؤسسات والعسكر وقِوى الأمن. لقد أفسد هؤلاء الحكام بسياساتهم القائمة على التمييز بين أبناء الوطن الواحد أو الدولة الواحدة، وتصنيفهم إلى موال وغير موال، وإغلاق الوظائف والعطايا على الموالين وحرمان المُوالين. وتمزيقهم إلى قبائل متنافسة ومتصارعة أحيانا، إلى مسلم ومسيحي، وصُوفيٍّ وسُنِّيِّ، وكاثُوليكيٍّ، و وُلُوفي و بُولاَرِي… من أجل أن تبقى الصراعات مستمرة وتطمئن الحاكم أن عرشه بعيد عن الاستهداف.
ما يحدث في السنغال حاليا ليس إلا السياسة الفاسدة يُفسد الحُكَّام العلاقات بين أبناء الوطن الواحد بسياساتهم القائمة على التمييز بينهم، من أجل أن تبقى الصراعات مستمرة ويُطمئن الحاكم أن عرشه بعيد عن الاستهداف.
يستعين هؤلاء الحكام الفاسدين والمنافقين والمخادعين والكاذبين، ولم يبخلوا عليهم بمال أو هبات، وكان همهم دائما الاستمرار في الحكم ولوبتخريب البلاد والعباد، فضربوا النسيج الأخلاقي للأمة وأذلوا الناس وحولوهم إلى مطايا الأجهزة المخابرات، وهدموا النسيج الاجتماعي ليتحولوا الناس إلى فئات اجتماعية ضيقة تكرس جهودها لحماية نفسها من أطماع أبناء الوطن واعتداءاتهم. والمصلحة كما نراها الآن هي تخلف السنغال عن باقي الأمم، وهزيمتها في مختلف المجالات العسكرية والأمنية، والإقتصادية والثقافية والاجتماعية والفكرية إلخ. ما يحدث في التظاهرات السلمية الأخيرة التي تحولت إلى التظاهرات العنفية الذي أودت بحياة المواطنين تدل على ذلك.
نتذكر الموافقة الشجاعة للشيخ الإسلام الحاج إبراهيم انياس رضي الله عنه وأرضاه. لدحض محاولات الجمعيات التبشيرية التي كانت تساند السلطات الاستعمارية لاستقطاب قلوب المسلمين المحتاجين في أفريقيا عامة وفي السنغال خاصة وذلك لضمهم في صفوف الملحدين.
قال الشيخ الإسلام الحاج إبراهيم انياس:
وأفريقيا لاترجى غير أحمد # رسولاً هُدى النَّائِي له الأَقرباء
إلى سنغال المنتمي بجانبه # به أنشبالدهر الخئون مخالبا
قال أيضا رضي الله عنه:
السنغال يأوي تحت ظل محمد # ويعبد ربّاً جَلَّ شَأْناً مُوحَّداَ
فمن ظَنَّ غير هذا فَظَنُّهُ # سَقِيمٌ عَلِيلٌ بَاطِلٌ لن يُؤَيَّدَا
رُوَيْدُكُمْ أهل الكنيسة لن ترون # مدى الدهر أنا قد تركنا محمدا
يقول الرئيس (تُومَاسْ سَانْكَارا) رئيس بوركينا فاسو السابق: ” الشَّبَابُ المُسْتَفِذُ خَطَرٌ، الشَّبَابُ الْمُعْبأُ قُوَّةٌ تُخِيفُ حتَّى الْقَنَابِلُ الذَّرِّية”.
وفي الختام،
نُنَدِّدُ بِشدةٍ أعمال العنف المرتكبة ضد الصحفيين الذين ينقلون الصور، ومما يثير القلق أن الشرطة وقوات الأمن التي من المفترض أن تحمي الصحفيين في ممارسة مهنتهم قد تكون هي نفسها المعتدين.
قبل عدة أشهر فقط، تعرضت المصورة أَجَا انجاي من ” داكار أكتو ” للضرب المبرح على أيدي عناصر من الشرطة أثناء محاولتها تغطيحدث عام.
وكان وزير الداخلية آنذاك السيد علي انغوي انجاي قد وعد بفتح تحقيق لتحديد المسؤوليات ومعاقبة الفاعلين وفقاً للقوانين المعمول بها.
اليوم جاء دور زملائنا المصور شيخ غِيْ في Ouest tv و انْدَارَوْ فَالْ في Senenews الأول تلقى قذيفة في الساق والثاني حجر في الرأس.
وعلى السلطة أن تلحقَ هؤلاءِ وتقديمهم إلى العدالة ومعاقبتهم.
كما نُدِينُ الأعمال العدوانية التي ارتكبت ضد مجموعات صحفية معنية ( ÉCHOS, SOLEIL, RFM).
أخي المواطن أختي المواطنة، السنغال مِلْكٌ لنا وأن بِناءها من أجل المصلحة الوطنية مسؤوليتنا الفردية.
أختتم قولي هذا، ما قاله الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة # فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بُدَّ لِلَّيْلِ أَنْ يَنْجَلِي # وَلاَبُدَّ لِلْقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِرْ
ندعوا الله السلام والاستقرار في السنغال، عاشت السنغال، عاشت الوطن.
حُرِّرَ في مدينة باي انياس/ كولاك جمهورية السنغال الإثنين ٨ مارس ٢٠٢١م.
الباحث الإعلامي/ محمد منير عمر انيانغ