السياسةالعمل والمستجدات

رسالة في بدعيةالخلطة وقراءة النساء للقصائد بمسمع الرجال

رسالة في بدعيةالخلطة وقراءة النساء للقصائد بمسمع الرجال
قراءة في كتاب منن الباقي القديم: (رقم:3)
يعتبر شيخنا الخديم رضي الله عنه من أكابر الوارثين للجناب النبوي الشريف على صاحبه السلامان دائم الأزمان، ومن خيرة عظماء المجددين والمجاهدين الذي قضوا حياتهم كلها في الذود عن حدود الله والحفاظ على شريعته بتعليم وتطبيق أحكام القرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة:
نظافتخ كلي من اللهو طهرت * وينته إن شاء ربي أبين
هدمت باطلا بحق فزهق * ولي إلهي كأس سقيه دهق
أجدد التوحيد والفروعا * مع تصوف حوى بروعا
وكان أبغض شيء عنده -قاد له الله ما اختار له- بعد الشرك بالله -الهتك لحدود الله؛ بفعل محرم أو مكروه أو تناول مباح فاسد مفسد كما اصطلح به في بعض وصاياه، أو بعمل بدعة، وذلك يعرفه فيه القاصي والداني؛ فلم يداهن أبدا في إنكار المنكر ونسف أبنية البدع والوقوف ضد الخرافات والأفكار المضادة للأخلاق والدين، فكان يحذر المسلمين كلهم وخاصة أتباعه من القرب إلى كلما يجلب غضب الواحد القهار من مخالفات، كما في بعض وصاياه:
وصيتكم يا من تعلقوا بيا * في السر والجهر لوجه ربيا
أن تتركوا محرما وما كُره * لوجه ربكم وكل مشتبه
وكان أبغص المخالفات عنده فيما أعرف: خلطة النساء بالرجال أو قربهن إليهم ناهيك عن رفع أصواتهن بمسمعهم.
يقول الشيخ محمد البشير عن حال شيخه الوالد رضي الله عنهما وتلاميذه نساء ورجالا وولدانا في الذكر: «حتى النساء والولدان لهجوا بالذكر والشكر إما بالقرآن، وإما بقصائده المبنية بالثناء على الله تعالى ومدح رسوله صلى الله عليه وسلم وتعظيم قدره والتنويه بالذكر الحكيم.
وأما مدار حديثه فلا فصل ولا وصل إلا الذكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وبالجملة فلا يُذكر إلا وذُكر الله تعالى. وكنا نعد من إذا ذكروا ذكر الله من خيار الناس، فإذا هو إذا ذكر، ذكر الله تبارك وتعالى. لأنك إذا ذكرت إنسانا تذكرت حديثه ومجلسه، ومعاملته وحركاته وتصرفاته، ولا تذكر من هذه شيئاً إلا ويمثل لك ما ذكرت لك منها عينا قائمة تذكرك بالله تبارك وتعالى، لاشتمالها الصماء بذكره العظيم.
وهذا أمر وجداني فيمن عرفه مشاهدة من حاله مع المولى، وآية سداده وصحة حالِه استقامتُه على ظاهر الشريعة بجوارحه، ونفوذ بصيرته بنور الحقيقة. وآية ذلك جده ومواصلة كده، وانقباضه في مخدع الورع في دائرة حدود الشرع من خشيته.» [الشيخ محمد البشير امباكي، منن الباقي القديم في سيرة الشيخ الخديم، ت.د. محمد شقرون، راجعته: أكاديمية منن الباقي القديم، ط2 ب.ت، ص:451، 452]

ونفهم مما سبق ما يلي:
1. ملازمة الشيخ الخديم رضي الله عنه لذكر الله وتربية المريدين عليه:
منها العكاز بذكر الله جل علا * منها المطايا بهمات العليات
كل من القوم شيخ عالم ورع * منهم مرب بأذكار وحالات
2. كون النساء والولدان من بين الذاكرين سواء كان الذكر تلاوة أو قراءة للقصائد:
كل مريد بي يلوذ فليدم * تلاوة لخير ذكر قد رسم
أدم تلاوة لذي الكتاب * ولو ثلاثة من الأحزاب
في كل يوم دون هجران كما * طلبة العلم له ذوو انتما
يقود خطي المريد * للقادر الباقي المريد
ومعنى ذلك أن القرءان والقصائد من أهم الأذكار التي اختاره الشيخ الخديم رضي الله عنه للمريدين بمختلف أجناسهم ودرجاتهم.
3. مراعاة حدود الشرع في مجالس الذكر بمنع الخلطة بين الرجال والنساء، ومنع تغني النساء ورفع أصواتهن بمسمع الرجال كما أمر به الشرع: {{ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا}}. وقد قال لإحداهن وهي مريدته وزوجة عمه السيدة پندا جوب رضي الله عنهم في وصيته لها:
دومي على الخمول والتستر * ولتخفضي صوتك دوما تشكر
وهذا مخالف للبدعة الشنيعة التي استحدثها البعض في الطريقة من أتباع ومتبوعين، وهو من محدثات الأمور المردودة التي تعد من سبل إبليس اللعين الموصلة إلى النار والعياذ بالله: {{ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}} ((إياكم ومحدثات الأمور، فكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)) الحديث. وقيد المحدثات مخالفة أصول الشرع بدليل الحديث: ((من عمل عملا ليس فيه أمرنا فهو رد)). ولا داعي للإطالة في هذا الباب.
4. ملازمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جميع مجالسه، وهذا مما يؤكد بغضه للبدع والمنكرات وتقيده بالسنة الشريعة وتقييد مريده بها في جميع أحوالهم:
ومن لوازمها منهاجها أبدا * وهْي الشريعة في بدء وغايات
وذلك مقتضى خوف العارفين بالله والمريدين الصادقين:
مِنْهَا تَلازُمُ خَوْفِ اللهِ مَالِكهِمْ * حَالَ البِدَايَاتِ مَعْ حَالِ النِّهَايَاتِ
إِذْ فِى الْبِدَايَاتِ خَوفُ الذَّنْبِ يَزْجُرُهُمْ * وَفِى النِّهايَاتِ إجْلاَلُ الجَلاَلَاتِ
وعالم لم يخش رب العالمين* ليس بعالم ولو أفنى الفنون
5. الأخذ بالورع الذي يعني من بين معانيه ترك الحلال اتقاء الوقوع في الحرام، وهو من دقائق صفات الصوفية وصفوة أخلاق النبوة الشريفة التي توارثها القوم والمشايخ كابرا عن كابر: “كل من القوم شيخ عالم ورِع”.
{{ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}}، {{كنتم خير أمة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون غي سبيل الله}}.
جعلنا الله وإياكم من المريدين الصادقين والصالحين المصلحين الهادين المهديين إلى الصراط المستقيم والمجاهدين الذين لا يخافون في الله لومة اللائمين والحمد لله رب العالمين.

⁦✍️⁩ الريفاني الصالحَ جن
دار السلام – طوبى – السنغال
الخميس 27 ذي القعدة 1442

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock