السياسةالعمل والمستجدات

ثلاثيات بشيرية .عبد الرحمن بشير

ثلاثيات بشيرية .عبد الرحمن بشير
………………………. …………………
مع قهوة الصباح ، ما أحلى أذكار الصباح ، وقراءة المأثورات ، وتصفح الأخبار من خلال وسائل الإعلام لمعرفة الجديد ، والإستعداد لليوم الجديد بنية العبادة .

فى قراءة المأثورات ، وأذكار الصباح قوة روحية ، ونقاء النفس ، وتجديد الحياة ، فالإنسان يحتاج إلى القوة والنقاء والتجديد ، وبهذه الأمور الثلاثة يتم الإنطلاقة من جديد فى صباح جديد .

فى معرفة الجديد من الأخبار والأحداث سر عظيم ، فالمعلومة مهمة لأصحاب الفكر ، وهي غذاء يومي لمن كان منشغلا بعالم الفكر ، وبدون المعلومات يبقى الإنسان منقطعا عن العالم ، ولهذا فلا بد من الجديد لتجديد الحياة ، وليس من المعقول أن تواكب الحياة ، وأنت لا تجد من مظان المعلومات جديدا .

من المهم ، أن يكون لديك مخزن ذاتي للمعلومات ، وأهم من ذلك أن يكون لديك عقل هاضم للمعلومات ، وأكثر أهمية من ذلك ، أن يكون لديك حس أمني مرتفع لتعرف المعلومة المزيفة من المعلومة الصحيحة .

فى عالم اليوم ، المعلومة مهمة ، ولكن أهم من ذلك معرفة من وراء المعلومة ؟ ولماذا هذه المعلومة مهمة ؟ وتلك غير مهمة ؟ ومن الجيد معرفة نتائج المعلومات فى أرض الواقع .

المعلومات متنوعة ، منها ما مرتبط بالسير اليومي ، وهذا نجده فى وسائل الإعلام ، ومنها ما هو مرتبط بالحياة العامة ، وبناء التفكير ، وهذا مظانها فى الكتب والمراجع ، ومنها ما هو مرتبط بالحياة الاستراتيجية ، وهذا نجده فى الأرشيف ، والكتب ، والمجلات المتخصصة ، وغيرها ، وللأهمية فافهم هذا .

لا تبحث المعلومة لأجل المعلومة ، ولا تهتم كل المعلومات ، ولا تكن مخزنا لكل ما يقال ، فالذكي من يبحث المعلومة المهمة من خلال عالم مملوء بالمعلومات ، والقارئ الحصيف يهتم بالمعلومات الذكية والمهمة بالنسبة لتخصصه ، ومنطقته ، ورسالته ، والقائد لا يجعل عقله آلة حاسوب ( كمبيوتر ) لجمع المعلومات ، بل يجعل عقله محطة تلتقط المعلومة المهمة ، ويستفيد منها فى اللحظات المناسبة .

هناك من يجمع المعلومات لأجل أن يكون مثقفا ، وهذا وهم ، فالمثقف ليس حاطب ليل ، ولدينا من يجرى وراء المعلومات ليبرهن بأنه يعرف ويعلم ، وليس العلم والمعرفة فى كثرة المعلومات فقط ، بل هي فى الفهم والوعي أيضا ، وعندنا كذلك من يحفظ معلومات كثيرة ، ويتقن فن الحفظ فقط ، ولكنه لا يدرى أن الدراية فى بعض الأحيان أفضل من الرواية ، والجمع بينهما أفضل .

لدى البعض مشكلة فى الذهاب إلى المعلومة ، لأنه لم يتدرب فى ذلك ، ومن الناس من يصدق كل معلومة يسمعها ، لأنه لا يعرف أن آفة الأخبار رواتها ، ومن الشعوب حتى اليوم من بقي فى بداية الحضارة ، فالمعلومة لديهم محفوظة ، وكل مسنّ حكيم يموت ، فهو مكتبة تضيع ، وفرصة تذهب ولا ترجع .

إن الدول تحاول صناعة المعلومة ، ولهذا يجب على الباحث أن يتحرى حين يتعامل مع هذه الصناعات ، فالحقيقة ليست فى المعلومات ، بل قد تكون وراء المعلومات ، وبعض الدول تكشف بعض المعلومات ، وتخفى البعض الآخر ، ومن الذكاء حينئذ البحث عن الوجه المخفي من خلال الوجه المعلن ، وقراءة ما وراء الوجه المعلن للوصول إلى الوجه المخفي ، وفى بعض الأحيان تتحدث بعض الدول أخبارا مزيفة للوصول إلى أهداف استراتيجية ، ولهذا يكون من الحصافة قراءة ما بين السطور .

نحن اليوم نعيش لحظات حرب المعلومات ، ومن السذاجة أن نكون ضحايا تلك الحروب بكل سذاجة ، ومن الغزو الفكري المنظم إشغال الشعوب بما هو غير مهم ، ولهذا فلا بد من صناعة معلومات كثيفة ، أغلبها أوهام ، وبها كثير من الحقائق ، ومن المعلومات غير الحقيقية ( أن وراء كل حادث كوني اليهود ) ، ولكن أغلب الشعوب البدائية تؤمن ذلك ، بل وتدافع عن ذلك .

إن الإسلام علمنا أن نبحث عن مصدر المعلومة ، وعن حامل المعلومة ، وهذا يدرس فى علم الحديث ( أحوال الرجال ) عندنا ، وعلمنا كذلك ( نقد المتون ) ، ومن خلال هذا العلم الرهيب ، درس علماء الإسلام ( الراوي والرواية ) ، ومنه عرفنا وضاعي الأحاديث ، ومؤلفي الأخبار والقصاصين وهواة صناعة الدجل والكذب ، وما أكثرهم فى صفوف المتدينين وغيرهم .

من أعظم مقالات العلماء ، إن كنت ناقلا فالصحة ، وإن كنت مدعيا فالدليل ، فالعقل المسلم لا يقبل كل كلام ينقل إليه إلا بالدليل والحجة والبرهان ، فهو يرفض ويقبل بعلم ، لأن نقل المعلومة إلى الناس مسؤولية أمام الله ، وأمام التاريخ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock