السياسةالعمل والمستجدات

وقفات على الدبلوماسية السنغالية في الولاية الأولى للرئيس ماكي صال: (١)

وقفات على الدبلوماسية السنغالية في الولاية الأولى للرئيس ماكي صال: (١)

شكل وصول الرئيس صال إلى سدة الحكم عام ٢٠١٢م منعطفا جديدا في التاريخ السياسي السنغالي لسببين :

أولا: لأنه ولد بعد الاستقلال فيكون بذلك أصغر رئيس للسنغال منذ الاستقلال

ثانيا: وصل إلى السلطة بعد تأسيس حزبه (حزب التحالف الجمهوري) بأربع سنوات فقط ( ٢٠٠٩- ٢٠١٢ ) فاجمتعت حداثتان : حداثة سن الرئيس وحداثة حزبه.
ولذا علق عليه السنغاليون آنذاك آمالا عريضة في اجتثاث الفساد الإداري والمالي في أجهزة الدولة،ومحاربة الرشوة وإعادة القضاء إلى رشده، والاهتمام بالفئات الاجتماعية المعوزة، والمحافظة على سمعة الدبلوماسية السنغالية.

** صفحات مشرقة من الدبلوماسية السنغالية في الولاية الأولى للرئيس ماكي :

شهدت الولاية الأولى للرئيس ماكي تطورات حسنة في الدبلوماسية السنغالية لا في تقوية العلاقات مع الدول المتعاونة والمنظمات الإقليمية والعالمية فحسب بل في حل أزمات سياسية في عدة دول إفريقية
وإليكم أبرز الجوانب الإيجابية للدبلوماسية السنغالية في الولاية الأولى للرئيس ماكي صال :

1 – ثبات موقف السنغال الداعم للقضية الفلسطينية:

لم يغير الرئيس ماكي صال قدر أنملة من موقف السنغال في القضية الفلسطينية بل عزز هذا الموقف وأبدى من غير مامرة إصرار السنغال على مساندة الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقهم في الوجود والعيش بكرامة ووجود دولة مستقلة ، وكان من أبرز ما أكد هذا الموقف رفض السنغال كعضو غير دائم في مجلس الأمن التصويت ضد اختلال الكيان الصهيوني لدولة فلسطين ، هذا وللسفير الفلسطيني في السنغال علاقات حسنة مع السنغاليين بشكل عام والطرق الصوفية والحركات والجمعيات الإسلامية بشكل خاص، وله أيضا حضور ملحوظ في المناسبات الدينية والثقافية في السنغال ، الأمر الذي يفسر أن هذا الموقف ليس موقفا رسميا تنفرد به السلطات السنغالية فحسب وإنما هو موقف شعبي يتواطأ عليه السنغاليون حكومة وشعبا.

2 – إرسال بعثة أمنية إلى الحرب في شمال مالي :

تزامن وصول الرئيس صال إلى كرسي الحكم نشوب حرب في شمال مالي ، وبما أن مالي من الدول المجاورة التي تربطها بالسنغال علاقات حسنة في مجالات مختلفة ينتظر من السنغال أن يكون لها دور في حل أزمة تحدث فيها، هذا ولم يكن الرئيس صال موافقا في البداية على إرسال بعثة أمنية إلى مالي إلا أنه تراجع عن موقفه هذا بعد ضغوط من فرنسا ، على كل تم إرسال البعثة ومازال لها وجود في مالي وهي تشارك كغيرها من البعثات في حماية المدنيين
.
3 -أزمة غامبيا والدور السنغالي:

بعد إجراء العملية الانتخابية في غامبيا التي أسفرت نتائجها عن فوز كتلة المعارضة بقيادة ادم بارو على الرئيس يحيي جامبي، قبل هذا الأخير ما عبر عنه الشعب في صناديق الاقتراع، ثم تراجع عن إقراره بحجة أن خللا ما حدث في فرز الأصوات في بعض المراكز وطالب اللجنة الانتخابية بإعادة الفرز، الأمر الذي رفضته المعارضة الغامبية بل والمجتمع الدولي الذي كان يتابع عن كثب العملية الانتخابية وكاد تشبث الرئيس جامبي بالسلطة يوقع غامبيا في أزمة سياسية خانقة لو لا تدخل منظمة سيدياو بقيادة السنغال التي تدرك سلطاتها جيدا أنها ستكون المتضرر الأول من وقوع أزمة في غامبيا ،هذا وقد لعبت القيادة السنغالية أدوارا هامة في خل الأزمة منها:
١- استقبال اللاجئين الغامبيين الذين كانوا يخافون من وقوع فتنة في بلدهم
٢ – قيادة قوات سيدياو التي تدخلت لحل الأزمة
٣ – الترحيب بآدم بارو في تراب السنغال ( في السفارة الغامبية ) لأداء اليمين الدستورية بل وإيواء الرئيس إلى وقت رجوع الاستقرار في غامبيا
ولاريب أن الدور الدبلوماسي للسنغال في تلك الأزمة قد ولد آثارا طيبة في علاقات البلدين من زيادة الاستقرار في جنوب السنغال )كازمانس) واتفاق البلدين على التعاون بشكل جاد على محاربة قطع أشجار الغابة في كازمانس وأخيرا تدشين الجسر السنغامبي الذي يعتبر أكبر إنجاز للرئيسين في علاقات البلدين .
وقد أخرج الفنان الغامبي الشهير( جوميا كيتا) أغنية جديدا يمدح فيه الرئيسين ويبارك على هذا الإنجاز الأمر الذي يدل على أن تطور العلاقات بين البلدين لم يقتصر على الجانب الاقتصادي الذي نركز عليه كثيرا بل حتى على الجانب الثقافي الذي عراه أمتن وحبائله أقوى

4- رفض السنغال الموافقة على سن قانون يبيح المثلية :

كانت التصريحات المريبة التي أدلى بها الرئيس صال أثناء زيارة أوباما للسنغال من أن السنغال غير مستعدة في هذا الظرف لإباحة المثلية أثارث غبارا كثيفا من الشك حول موقف السلطات السنغالية من قضية المثلية الأمر الذي ترتب عليه ردود أفعال قوية من الحركات والجمعيات الإسلامية في السنغال بل كانت تلك التصريحات سببا في نشوء حركة تسمى nitou deg أي الإنسان الصادق بقيادة كريم خرم خاخ، والحركة تدافع عن القيم السنغالية النبيلة التي تأبى حتما المثلية وماشاكلها ، إلا أن ذلك الغبار قد انجلى بعد أن رفض وزير العدل السنغالي أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سن أي قانون يبيح المثلية في السنغال ، وهذا الموقف أشادت به الجمعيات الإسلامية أيضا مثل منظمة jamra الإسلامية، وهذا موقف دبلوماسي قوي يبقى مسطورا في سجل الدبلوماسية السنغالية.
5 – زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للسنغال:
زار بارك أوباما السنغال شهر يونيو ٢٠١٣م أي بعد سنة وثلاثة أشهر من انتخاب ماكي صال، وقد استغرقت زيارته يوما كاملا جرت خلالها مباحثات واتفاقيات بين الرئيسين في مجال الزراعة والتجارة والاستثمار ، وقد اعتبر الرئيس السنغالي زيارة بارك مكسبا دبلوسيا عظيما للسنغال باعتبار أوباما رئيسا لأقوى دولة في العالم . وقد استرعى انتباهي في تلك الزيارة امران :
— إدخال أعضاء الحكومة السنغالية في حافلة واحداة إثر مشاركتهم في استقبال الرئيس أوباما دون السماح لهم بركوب سياراتهم الخاصة بحجة المحافظة على أمن الرئيس الضيف !!!!
— تصريح الرئيس السنغالي في المؤتمر الصحفي في قضية المثلية بأن السنغال غير مستعد في هذه الآونة بإباحة المثلية وذلك جوابا على سؤال لأحد الصحفيين الأمريكيين .

6 – استنكار التصريح العنصري الذي أدلى به الرئيس الأمريكي ترامب ضد الأفارقة :
كان الرئيس صال الزعيم الأفريقي الأول الذي ندد بقوة التصريح العنصري لترامب فقدم رسالة شكوى للسفير الأمريكي بدكار مما جعل هذا الأخير يقدم اعتذارا للأفارقة .

أزمة بوركينا والمساعي السنغالية:
بعد أن خرج البوركينيون على النظام الغاشم الذي كان يدير بوركينا بقبضة من حديد وبتعليمات من فرنسا أفضى هذا الخروج بتشكيل حكومة انتقالية بعد فرار الرئيس كومباووري إلى ساحل العاج وبعد تشكيل الحكومة بأيام انقلب عليها الجنرال جيندري بمؤامرة مع فرنسا وربما مع كومباوري أيضا لاختطاف إرادة الشعب ، وقد اعتقل جندري رئيس الحكومة الانتقالية وبعض الأعضاء ، وفي ظل هذا الظرف المتوتر هبطت الطائرة الرئاسية السنغالية في مطار واغادودغوا وكانت تقل الرئيس ماكي صال الذي استقبله السيد جندري بحفاوة ، هذا وقد استغرب كثير من المحللين زيارة الرئيس ماكي صال تلك ساعتئذ لأمرين:
١- أن بوركينا في توتر سياسي لم تنته فصوله بعد ( ثورة + انقلاب)
٢ – استقبال الجنرال جيندري المنقلب على الحكومة الانتقالية والمختطف لأرادة الشعب للرئيس ماكي صال وقبول الأخير هذا الاستقبال.
وقد جلس الرئيس أثناء ذلك السفر الغريب مع القوى السياسية والوطنية والدينية ومنظمات المجتمع المدني على طاولة الحوار بغية الوصول إلى حل فوري مجمع عليه يفضي ببوركينافاسو إلى بر الأمان وبعيد للشعب إرادته المختطفة ، وقد ساهمت مساعيه تلك في حل الأزمة في بوركينا .

يتبع …

خادم بوسو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock