الثقافةالسياسةالعمل والمستجدات

انتهت النسخة المونديالية العربية الرائعة . عبد الرحمن بشيرT

انتهت النسخة المونديالية العربية الرائعة . عبد الرحمن بشير
……………………. …………………………………………………
انتهت النسخة المونديالية القطرية ، وبقي منها الذكريات الجميلة والرائعة ، وبقي الناس أمام الشاشات قريبا من الشهر ، وكانت النفوس تشتاق أن ترى اليوم الأخير من المونديال ، والسؤال المهم كان ، من سيفوز ؟ هل سيفوز الفريق الرائع البرازيلي ؟ أم سيفوز الفريق القوي الفرنسي ؟ أم سيكون الحظ فى هذا العام مع الفريق العربي الأفريقي ( المغرب ) ؟ أم سيذهب الكأس إلى موقعه الأخير فى هذا المرة ( الأرجنتين ) ، وهو فريق رائع ويملك نجوما كروية خطيرة ؟

انتهت النسخة القطرية التى صنعت الجدل منذ أن نجحت قطر فى إعداد المونديال فى عام 2022م ، منذ ذلك الحين واجهت قطر عواصف سياسية خطيرة ، ومشكلات ترتبط بموقعها الجغرافي ، وأخرى مرتبط بمساحتها ، ولكنها نجحت بأريحية كاملة فى قيادة السفينة ، ونجحت كذلك فى تجاوز المشكلات المصطنعة ، وكانت النسخة القطرية من أروع النسخ كما شهد لها الخصوم قبل الأصدقاء .

انتهت النسخة بلا مشكلات أمنية ، فلم تسجل أحداث كبيرة مرتبطة بالأمن ، فكانت الحياة صاخبة بالجمهور الكبير الذى جاء إلى قطر ، وإلى الدوحة بشكل خاص ، فعاشوا فى أجواء جميلة كما رووا بقصصهم المختلفة ، وانتهت النسخة بضجيجها وهدوءها وروعتها ، وبقي منها الذكريات الرائعة .

انتهت النسخة ، وهي تحمل قراءة مختلفة ، ورؤية أخرى ، فلا كحول مع المونديال ، ولا مثلية فى هذه المرة ، ولا تناقض مع الذات ، فكانت نسخة عربية ، وأجمل ما فى النسخة هدية الأمير للنجم العالمي ميسي ، حيث وضع ( البشت ) ويقال عند بعض الناس المشلحة العربية فوق جسده فى لحظة خاصة ، ورفع النجم الكأس ومعه المشلحة ، فكانت لفتة رائعة من أمير مبدع فى لفتة يشاهدها المليارات من البشر .

انتهت النسخة القطرية ، وهي تحمل رؤية إسلامية فى الرياضة ، فجمعت قطر بنكهتها الأصالة والمعاصرة ، فكانت الملاعب جميلة ، ورائعة من حيث الهندسة والبناء ، ولكن قدمت قطر نفسها أنها ليست نسخة مكررة من الهندسة الحديثة الغربية ، فهناك نسخة أخرى تحمل هوية قطر العربية والإسلامية ، وتفاعل الجمهور فى قطر ، وعبر الشاشات قطر الحديثة بوجهها الحضاري .

انتهت النسخة القطرية ، وقد أرسلت إلى العالم رسالة مفادها ، أن العالم اليوم تجاوز مرحلة العُقد الحضارية ، وأن الدولة مهما بدت أمام العالم أنها صغيرة ، يمكن لها النجاح فى كل المجالات ، فقد نجحت قطر سابقا أن تخلق قوة ناعمة مؤثرة فى عالم الصراعات ، فهي تملك أهم قناة عربية فى صناعة الرأي العام وهي الجزيرة ، كما أنها تملك كذلك قوى متدربة ، من شأنها أن تجعل قطر حاضرة فى الملفات الساخنة ، واليوم نجحت فى إقامة المونديال ، ولكن نجاحها لم يكن قاصرا فى الملاعب ، بل تجاوز الملعب ، وحققت من خلال المونديال نصرا سياسيا وثقافيا ، وبهذا صارت النسخة القطرية رقما صعبا فى عالم المستديرة .

انتهت النسخة القطرية ، وتحمل معها ذكريات الفريق ( المغربي ) الفريق الساجد بلا توقف ، يسجدون حين يفوزون ، ويسجدون حين لا يفوزون ، فهذه كانت رسالة فريق إلى الناس ، وإلى كل الشاشات العالمية ، ومن أروع ما حمله الفريق إلى الناس هو ربط النجوم مع الوالدين ، إنها لفتتة جميلة للحضارة العالمية التى تشكو فى مراحلها الأخيرة مع الأسرة فى نسختها الفطرية ، أرسل الفريق رسالة مفادها أن الولد سر والده ، وأن الجمال فى الحياة مكنون فى دعاء الوالدين ، وفى رضا الله ، ورضا الله فى رضا الوالد ، كم كانت هذه النسخة رائعة فى جوانبها الإنسانية !

انتهت النسخة القطرية ، وقد حملت رسالة دينية ، فسمع الناس الآذان فى وقت بدأت عواصم عربية فى خفت أروع الأصوات فى العالم الإسلامي ، هناك أصوات تشكو من جمال الصوت فى المساجد ، ولدينا بعض الناس الذين يشكون من جمال المساجد ، ولكن قطر تنبهت لهذا بشكل ذكي ، فرفعت الصوت الجميل ، وأسمعت الناس الآذان ، فكانت أصواتها مختارة بعناية ، وسمع الناس الذين لم يسمعوا هذا الجمال فى بلادهم ، فعرف كثير من الناس أنهم فى بلد مختلف ، ولهذا فلا بد من دراسة الاختلاف ، والجمال فى التنوع ، وليس فى التشابه المطلق .

انتهت النسخة القطرية ، ورأينا كيف انتصر الذكاء الياباني على القوة الألمانية ؟ وكيف انتصر المغرب على البرتغال ؟ وكيف انتصرت السعودية على الارجنتين ؟ وكيف انتصر التوانسة على فرنسا ؟ لحظات فرح الناس فى بلاد الحزن ( العالم العربي والإسلامي) ، ولكن رأينا مؤخرا أن القوة لا تعنى انتصارا وقتيا ، بل تعنى دراسات ، ونقاشات ، واستعدادات ، فكان الفريق المغربي يسجل أرقاما صعبا ، لأنه كان ينظر إلى الأمام ، فتحدث المدرب كثيرا أن عينه على الكأس ، ولهذا رفعت تلك الهمة آمال الناس والفريق معا ، ومن الروعة أن الفريق صار من أقوى الفرق الاربعة فى العالم ، وبهذا دخل التاريخ ، والمهم ما الدروس المستفادة من هذه النسخة العربية القطرية المسلمة ؟

انتهت النسخة القطرية وقد حملت فى طياتها رسالة واضحة للحكام أن ( فلسطين ) قضية الأمة ، وأن التطبيع ليس مهما عند الشعوب ، فكان العلم الفلسطيني حاضرا بقوة ، و هو الذى تم حمله بلا استثناء ، فهي رسالة لمن لا رسالة له فى الحياة سوى العيش ، وان الشعوب لن تنتهي بعد كما يشاع ، ما زالت الأمة مع قضاياها الأساسية .

انتهت النسخة القطرية للمونديال ، وهي تحمل معنى وجود الأمة المسلمة ، وصاح الناس من خلال المباريات ، و بخناجرهم القوية بلا خوف ( لا إله إلا الله. محمد رسول الله ) ، وبهذا أرسلت الجماهير معنى الوجود الحضاري لهذه الأمة .

انتهت النسخة القطرية ، والنَّاس فرحوا بنجاح المونديال بشكل لم يسبق له ، وفرح الناس حين رأوا فشل الإعلام الغربي الذى حاول تشويه الصورة ، وفرح الناس حين علموا من الإعلام ذاته أن الزمن ليس لصالحهم ، ولكنه لصالح من يعمل بشكل مختلف .

انتهت النسخة القطرية فى يوم الأحد الثامن عشر من شهر ديسمبر لعالم 2022م ، وكانت من أروع المباريات النهائية التى شاهدتها ، فرأينا فريقين متكافئين من حيث النجوم ، ومن حيث القوة ، ومن حيث التاريخ الكروي ، فتمثل الأرجنتين أمريكا الجنوبية التى تقدس الكرة ، وتجعل المستديرة آمالها وحياتها المستقبلية ، كما مثلت فرنسا القارة الأوربية العجوز ، وتذكرنا الأبطال الكبيرة مثل ( مارادونا ) النجم الإستثنائي العالمي ،كما تذكرنا ( زيدان ، وبلاتيني ) ، فكانت المباراة رائعة وجميلة ، وحصر الكبار الساسيين ، وعلى رأس هؤلاء أمير قطر ، ورئيس فرنسا ، وحاكم الأرجنتين ، وغيرهم ، فكانت بطولة سياسية ، ولكنها كانت بطولة تحمل نكهة عربية ، فنجحت قطر ، والكأس الحقيقي كان لقطر بدون مجاملة .

انتهت النسخة بروعتها ، واروع ما فى النسخة القطرية ، الخلو من المشاكل ، والسبب هو أن قطر رفضت ( أم الخبائث ) فى الملاعب ، وهي رسالة حضارية ، ان الخمر وراء المشكلات ، فلا خروج من الأخلاق والقيم ، وكل الناس فرحوا بدون كحول ، والرسالة الخطيرة لقطر أن هذه الأيام تحتفل فى أسبوع قطر الوطني ، رسالة تحمل الف معنى ، وأهم ما فى الرسالة الذكاء السياسي لقطر .

انتهت النسخة ، وقد أصبح ( ميسى ) أفضل لاعب فى العالم فى التاريخ ، وقد رأينا جمال اللاعب الشاب الفرنسي ( Mbappé ) ذلك الشاب الذى يحمل روحا رياضية قوية ، وقوة فى الجسد ، وعقلا ذكيا ، وكاد أن يجعل الكأس من نصيب فرنسا ، ولكن كان أمامه ذلك النجم الأرجنتيني الذى جعل المونديال لهذا العام من نصيبه ، فانتهت النسخة بركلات ترجيحية ، وذهب الكأس إلى بلاد ميسى ، وبهذا قلبنا صفحة من التاريخ الكروي ، ولكن بنكهة عربية وإسلامية ، شكرا لقطر ، وشكرا للذكاء القطري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock