السياسةالعمل والمستجدات

لحظة صفاء مع الذات . عبد الرحمن بشير

لحظة صفاء مع الذات . عبد الرحمن بشير
………………………. …………………………و
كن مبدعا ، ولتكون مبدعا ، اقرأ كثيرا ، ولكن لا تستسلم لما تقرأ ، حاور أفكار الكتاب ، وآراء الكاتب بموضوعية ، وناقش الأفكار بعمق ، وكن ناقدا للفكر وليس للشخص ، فالكبير لا يناقش الشخص ، بل يناقش عالم الأفكار ، وحاول أن تستوعب ، ولا تستسلم بسهولة .

اقرأ الجديد يوميا ، وناقش الكبار ، ولا تعش مع الصغار ، فالصغار يأخذونك إلى الأوحال ، ولكن لتكون جديدا ، تجاوز بعض الناس ، وتجاوز أفكارهم ، لتجد عالما جديدا ، فلا يمكن لك التجاوز بدون استيعاب ، وأيضا لا يمكن لك الاستيعاب بدون قراءة شاملة وقوية وناقدة .

لا تكن خاملا فى الفكر ، ولا منغلقا فى الصندوق ، بل تحرر من الصندوق ، واخرج منه رويدا رويدا ، فلا تخرج منه مرة واحدة ، فهذا ليس تطورا ، بل هو ثورة ، والتطور أفضل من الثورة ، لأن الثورة من خصائصها المفاجأة ، ومن خصائص التطور التراكم .

لقد عشت طويلا فى الصندوق ، ولهذا كنت أكرر ذاتي ، ولا أناقش الأفكار ، بل كنت قريبا من الناس ، ولكني بعد فترة عرفت أنني لا أعمل سوي ما يريده الناس ، فلا جديد ، ولا تطور ، حينها عملت مشروعا جديدا لذاتي ، فقرأت أكثر ، وناقشت قناعاتي أكثر ، ويومها بدأت الخروج من الصندوق ، ،كم كان الخروج صعبا !

الخمول الفكري مشكلة ، والتوقف عن الاجتهاد مصيبة ، ولكن الإنسان يحب منطقة ( الأمان ) ، فيعيش بدون أسئلة صعبة ، ومن لا يسأل لا يجد الجواب حتي من الوحي ، فكيف بغيره ؟

لدينا فى بلادنا ، الأحزاب السياسية متشابهة ، المعارضة كالموافقة ، الفرق بينها ، هو أن الحزب السياسي المعارض ليس فى الحكم ، وأن الآخر فى مواجهة الحكم ، برامج واحدة ، وحتي الأنشطة واحدة ، بل وحتى الوجوه متشابهة ، كل شيئ فى بلادنا طبق الأصل ، الحياة متوقفة تماما ، والمشكلة تكمن فى غياب الإبداع ، وفى ضمور الفكر ، وفى الخوف من القراءة الناقدة .

الدعاة في وطننا متشابهون إلي حد ما ، لا يختلفون إلا عند الشكل ، أو الانتساب إلي الجماعة ، ولكن مشاريعهم واحدة ، وإن بأسماء مختلفة ، وعناوين متباينة ، ولكنها في المحتوى واحدة ، والمضمون قد يتكرر شكلا ومضمونا ، ولكن باسم وعنوان جديدين ، تشكيل الجامعات وتكثيرها فى مجتمع شبه أمي ، لأن جماعة ما نجحت فى هذا الميدان ، والمنافسة فى حفظ القرآن ، لأن مؤسسة ما نجحت فى هذا المضمار ، فلا إبداع ، ولا إضافة ، نحن نكرر ذاتنا بلا توقف .

كن مختلفا فى عالم التشابهات ، وكن متميزا فى عالم التكرار ، وكن ذاتك فى عالم يعيش فيه الناس فى الذوات الأخرى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock