الثقافةالسياسةالصفحة الرئيسية

الموضوع: الشعر العربي للعرب فقط؛ لا ناقة للافارقة فيه ولا جمل!

لم يخف على كريم علمكم معشر القراء الأعزاء ما دار على صفحات العالم الأزرق من شتم وسب ولعن إثر تبادل الاتهام في “انتحال الشعر” بين شاعر عربي من بلد مليون شاعر وبين شاعر أفريقي من بلد لم يعرف بالشعر العربي قبل “حادثة الانتحال”.
المهم بالنسبة لي في هذه القصة أنها لَقَنَتْنا دروسا متعددة متنوعة… يا ترى فما هي تلك الدروس ؟
بدءا ذي بدء أعتذر منكم أحبائي الكرام إنْ عَجزَ قلمي عن إيصال الفكرة إليكم بالشكل المطلوب؛ لأن هدفي هو إشراككم في أمر يهمني مُذ عشر سنوات خلت.
ومن هنا انتهز الفرصة في هذه العجالة لألخص لكم بعض الدروس المستقاة من “حادثة الإفك” آسف أقصد “حادثة الانتحال الأفريقي”:
أولا: إذا كنت ناقدا فانقد الآراء بلطف واحترام وأدب، لا الأشخاص والبلدان والأعراق؛ لأنّ كسب القلوب مقدّم على كسب المواقف.
ثانيا: أنه مهما بلغتْ الأدلة التي تملكها في قضية ما، فاعرف أنها لا يمكن أن تُمثِّل الحق المطلق، ودَعْ في مخيلتك أن نسبة الشك ١٠٪ قد تَغلب دليك في ظرف ما من الظروف. وعليه احجز لنفسك مقعدا للاعتذار في حال تبين خطؤك. لكن إذا فجرت في النقد فلن يكون لك سبيل للاعتذار الصحيح!
ثالثا: أنّ الاندفاع للدفاع عن شخص لأنه من عرقك أو بلدك دون التبيُّن هو عين التعصب المقيت الذي يقع فيه الكثير منا مع الأسف الشديد😢
رابعا: أن ثمة فرقا بين النقد والحقد؛ فأي نقد يتْبعُه شتمٌ أو لعنٌ أو ويل أو وعد وشماتة فهو حقد، وعليه يصعب على صاحبه مجرد الاعتذار حينما يتبين له خلاف ما بنى عليه حقده؛ لأن القلوبَ كالزجاج فرجوعها بعد التنافر يتعذر.
خامسا: قَوَّتْ هذه القصة نظرية كنت أقولها قبل عشرة سنوات لطلابي الأفارقة في الجامعات العربية والأسيوية والأفريقية التي تَشَرَّفْتُ بالتدريس فيها أن: “الشعر العربي للعرب؛ وذلك لأنّ الشعر ليس مجرد لفظ ومعنى ووزن وقافية، بل يقوم على الخيال المرهف والشعور والعواطف المستوحاة من الحياة الاجتماعية العربية والثقافية العربية والبيئة العربية والحضارة العربية. وعليه فالأغلبية الساحقة من الشعر العربي الذي نكتبه في أفريقيا شعر أفريقي لكن باللغة العربية؛ فهو عربي في اللفظ والوزن أفريقي في المعنى والخيال كالشعر الأفريقي الذي يُكتب باللغة الإنجليزية أو الفرنسية؛ وهذا الشعر من دون مجاملة إذا اسْتَمَعَ إليه عربيُّ لم يتجاوز حاسة أذنيه فضلا من أن يُحرك أحاسيس وشعوره… إلا إذا أراد العربي كعادتهم ملاطفتك ومجاملتك تشجيعا لك على تعلم العربية للدين الحنيف…
ولهذا…..إذا رأيت شاعرا أفريقيا يقول شعرا عربيا فصيحا من غير تكلف ولا صنعةٍ فلا يخلو من الحالات التالية:
1- إمّا أنه ناظم كنظم الألفية؛ وقد برع فيه كثيرٌ من الشعراء الأفارقة قديما، وخاصة في السينغال ونيجيريا.
2- إمّا أنه شاعر حقيقي ولد ونشا في بيئة عربية وأقام فيها وشرب ماءها وأكل طعامها وجال قُراها وبواديها ومدنها.
3- إمّا أنه شويعر يُحاكي العرب أو ينتحل شعرهم ويُنسبُه إلى نفسه.
4- إمّا أنه شاعر حقيقي نابغٌ وهذا نادرٌ جدا جدا لا يظهر إلا شاعر واحد بعد كل مائة سنة😅 ولا حكم على النادر”………
ونظرا لحاجة المجتمع الأفريقي ما زلتُ أشجع الطلبة الأفارقة الذين يرغبون في الدراسات العليا في “اللغة العربية” أن يَتَبَحَّرُوا في علوم اللغة العربية المتنوعة من علم أصوات وصرف ونحو ودلالة واللسانيات التطبيقية بما فيها علم المعاني في البلاغة…. وليترك الشعر وتحليله وتذويقه لأصحابه الحقيقين (أعط القوس باريها).
مملحوظة: أقصد بالعروبة هنا المفهوم العام لا الخاص ……😎
زيادة:
الشعر العربي فن عربي لا علم مقنن فهو كالرقص العربي والحداء العربي والطبخ العربي…. فهل يعقل أن تُطالب الافارقة بطبخ عربي في ظل غياب البهارات العربية في افريقا… وهل تطالب الافارقة أن يرقصوا كالعرب…
حديثي هنا عن الشعر العربي لا عن اللغة العربية التي تعد أجمل اللغات العالم بلا نزاع فتعلم قواعدها وعلومها ضرورة دينية وحاجة تواصلية في هذا العالم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock