السياسةالعمل والمستجدات

كورونا عقاب إلهي للصين ام تهديد للعالم ؟

كورونا عقاب إلهي للصين ام تهديد للعالم ؟

بوصفنا مسلمين نؤمن بالقدر، فكل ما حدث من خير أو شر مقدر من الله تعالى، و سبق به علمه و تصرفت فيه قدرته و أحاطت به حكمته، و أن ما يقع على العباد من كوارث و ازمات قد تكون عقابا لهم على فساد سلوكهم و سوء أعمالهم؛ ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾
[الروم: 41].

و يبقى الوحي المعصوم من القرآن الكريم و السنة الشريفة سبيل التأكيد على الطبيعة العقابية للكوارث التي تحل بالأفراد و الجماعات بالتعيين، و ليس لأحد بعدهما إلا الاجتهاد في حكمة الكوارث الإنسانية التي سكت النص الشرعي عن بيان طبيعتها، على ضوء ملابساتها و آثارها، و قد يكون هذا الاجتهاد موفقا أو غير موفق.

و لقد اجتاح فيروس كورونا الصين و حصد الكثير من النفوس و شلل الحركة في أكثر من مدينة صينية. و لكون الصين دولة تنتهج سياسات القمع و الاضطهاد ضد المسلمين الإيغور، فلقد اعتبر البعض ما نزل بالصينيين من كارثة إنسانية عقابا إلهيا لهم على ظلمهم و عنادهم.

و هو راي محترم للذين يقولون به، إلا أن النظر في ملابسات الكارثة و آثارها يجعل الجزم بهذه الفرضية غير مفهوم.

فضحايا هذه الكارثة الإنسانية هم الصينيون البسطاء الذين هم الآخرون كالمسلمين الإيغور محبوسون في سجن كبير؛ حيث لا قضاء عدلا، و لا صحافة حرة، و لا تواصلا حرا مع العالم الخارجي، و لا دستورا محترما يكفل للمواطنين حرية العقيدة و الفكر، و التعبير عن الرأي، و المشاركة السياسية. فاللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم هو نفسها القانون؛ إذ هي التي تصيغه حسب ايدلوجيتها و مصالحها؛ و تفرض على الصينيين أيا كانت هوياتهم نمطا واحدا في الفكر و التوجه. بينما الوجهاء الصينيون المسؤولون عن سياسات الصين الظالمة هم في دائرة الأمان حتى اللحظة…

الواقع أن فيروس كورونا تهديد للعالم كله من ادناه إلى اقصاه، و ليس فقط للصين؛ فالعالم اصبح قرية صغيرة في تقارب دوله بوسائل الاتصال و أجهزة النقل السريعة. و تتبادل الدول و المنظمات و الأفراد علاقات دبلوماسية و تجارية و مهنية كثيرة؛ ما جعل كل دولة تقريبا على اتصال وثيق رسميا و شعبيا بنظيراتها الأخرى. و لقد رأينا كيف تنقل الفيروس إلى خارج الصين في حدود أيام قليلة و سجلت إصابات به في أكثر من بلد. هذا فضلا عن الآلاف من رعايا الدول الأخرى المتواجدين في الصين لأغراض تجارية و دراسية و مهنية كثيرة الذين هم أيضا تحت تهديد الفيروس.

فالفيروس إذا حسب المعطيات المتاحة راح ضحيته الصينيون البسطاء الذين هم الآخرون مضطهدون من الحزب الشيوعي الحاكم المستبد، و محرومون من حقوقهم و حرياتهم كما هو حال المسلمين، و هو تهديد للعالم كله و لا مامن لأي دولة منه نتيجة العلاقات و التعاملات العالمية المتقاربة المكثفة.

و عليه نسأل الله عز و جل أن يرفع البلاء عن الصين و العالم كله، و ان يرفع عن الصينيين مسلمين و غير مسلمين هذا الحكم الشيوعي الغاشم، و يوفقهم لنظام عادل يحفظ الحقوق و الحريات لكل المواطنين الصينيين دون استثناء.

عبد القادر عبد الرزاق انجاي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock