السياسةالعمل والمستجدات

جانب من الصور في جلسة مناقشة رسالة الماجستير للسيدشيخنا انجاي طالب في جامعة العراق في العلوم السياسية (العلاقات الدولية والدبلوماسية)… وإليكم فيما يلي نبذة من الرسالة !

الحمد والشكر لله، الذي علم الإنسان بالقلم، على نعمة العلم. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله الأطهار. والشكر والامتنان إلى أستاذي ومشرفي المحترم الأستاذ الدكتور علي هادي حميدي الشكراوي الذي يرجع الفضل إليه في نجاح هذا العمل، ولأساتذتي الفضلاء الذين لا أعرف منهم إلاّ إحسانا طيلة مسيرتي العلمية، ولكل من ساهم في نجاح رحلتي العلمية. وكذلك الشكر والتقدير للمقوم اللغوي والعلمي، ولجنة المناقشة الموقرة على جهودهم في ترصين هذه الرسالة من الناحيتين الشكلية والموضوعية. وأقدم الشكر أيضا إلى زملائي في الكلية وفي العتبة العلوية المقدسة. والشكر والثناء لوالدي المرحوم الذي لا تزال نصائحه وتشجيعاته ترن في حاسة السمع، ووالدتي الغالية، وزوجتي المحترمة.

فإن رسالتي الموسومة بـــــ ( نُهُج الأمم المتحدة لمنع الإنتشار النووي في الألفية الثالثة) ، United Nations Approaches to Nuclear Non-proliferation in the Third Millennium قد أكدت على أن الأمم المتحدة، لم تتوانى عن معالجة قضية مخاطر الأسلحة النووية باعتبارها معرقلا جسيما في نُهجها نحو تحقيق الأمن والسلم الدوليين، ولذلك تبنت مسؤولية وضع إطار عام من أجل تنظيم التسلح النووي وتخفيضه ومن ثم نزعه وتدميره. وهذه العملية تطورت معالجتها عبر نهجين تم اعتمادهما من قبل الأمم المتحدة ، فقد كانت الدول الحائزة على الأسلحة النووية تعد أحد عناصر النَهج الأول، فيما لم تكن كذلك في النهج الثاني.
وفي إطار إتباع النهج الأول ترسخت ثلاثة مبادرات لمنع التسلح النووي بشكل تدريجي تزامنا مع الظروف التي حكمت التفاعلات الدولية. وهذه المبادرات تمثلت أولا في معاهدة الحظر الجزئي للتجارب الذرية لعام 1963، وثانيا في معاهدة عدم الانتشار الأسلحة النووية لعام 1968، وثالثا في معاهدة الحظر الشامل للتجارب الذرية لعام 1996.
إن نُهج الأمم المتحدة لمنع الانتشار النووي هو ذو شقين من حيث التوقيت الزمني وكذلك من حيث الطبيعة. فإن الشق الأول ينصب في المبادرات التي أخذت من قبل المنظمة قبل الألفية الثالثة، ويعتمد على أساس قبول وموافقة الدول النووية الخمسة (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، الصين، روسيا الاتحادية).
وأما الشق الثاني يخص المبادرات المرتبطة بمنع الأسلحة النووية في الألفية الثالثة، ويعتمد هذا النهج على أساس قواعد القانون الدولي والأخلاق وضغوط الرأي العام العالمي بغض النظر عن موقف الدول النووية التسعة، والذي تم اعتماده في معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 2017.
وهذا البحث يهدف إلى دراسة النُهج الجديدة للأمم المتحدة لمنع الانتشار النووي بغية الوصول إلى السبب الأساسي في تطوير أساليبها، وكذلك التوقف على مدى توافق واختلاف نُهجها المُتبنى قبل الألفية الثالثة وفي خلالها أيضا من حيث الطبيعة والنتائج المترتبة على ذلك بالانسجام مع مبادئها ومقاصدها الواردة في الميثاق.
ويمكن تلخيص أهمية بحث هذا الموضوع في أن تحديد النُهج المختلفة للأمم المتحدة التي تُؤَطر سلوكها تجاه قضية التسلح النووي بغية الوصول إلى مدى فعاليتها في تحقيق أهدافها التي تتركز على المحافظة على السلم والأمن الدوليين، بالنظر إلى مستوى الانتشار النووي ( أكثر من 14000 رأس نووي في العالم حتى عام 2019) ، إذ إن هناك أهمية بالغة في دراسة النهج والأساليب المتبعة من قبل المنظمة العالمية الشاملة المتكفلة بتنظيم هذا النوع من التسلح لمنع انتشاره ومن ثم إزالته بصورة تامة.

وتتركز مشكلة الدراسة في أنه على الرغم من أن الأمم المتحدة بحثت عن حلول مناسبة لسد موجة الانتشار النووي غير السلمي، إلا أن ذلك كان من دون جدوى إذ أن الانتشار النووي العمودي والأفقي، من حيث الكمية والنوعية، وصل إلى حد توفرت له كفاءة قادرة على محو أثر الانسانية في الكرة الأرضية. ولذلك، وبهدف حل هذه الإشكالية لابد من الإجابة عن التساؤل الآتي: ما مدى فعالية النُهج الجديدة للأمم المتحدة في منع الانتشار النووي؟ أو بعبارة أخرى، ما هو مستقبل نزع السلاح النووي على وفق تطبيق النُهج الجديدة للأمم المتحدة؟
وافترضت الدراسة أن الموقف السلبي للدول النووية تجاه النُهج الجديدة للأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية، ومحاولتها لعرقلة تلك المبادرات، يؤدي إلى تزايد فرصة الاحتمال الذي يتوقع أن الأمم المتحدة قد لا تنجح في مهمتها إذ أن لهذه الدول ثقل سياسي ودبلوماسي وعسكري في توجيه سلوك هذه المنظمة العالمية الشاملة، ولا سيما إذا كانت تتجه إلى اتجاه مغاير لمصالحها. وبالتالي تكون هذه النُهج غير قادرة على حظر الأسلحة النووية ما دامت هذه الأخيرة تسمح للدول الحائزة تحقيق مصالحها وأهدافها الاستراتيجية العليا.
لقد تم تقسيم هيكلية الرسالة على ثلاثة فصول، فقد بحث الفصل الأول في الإطار المفاهيمي لمفهومي نُهج الأمم المتحدة والانتشار النووي، وبحث الفصل الثاني في الاطار التطبيقي لنُهج الأمم المتحدة في منع الانتشار النووي غير السلمي، فيما بحث الفصل الثالث في التجديد في نُهج الأمم المتحدة بشأن حظر الانتشار النووي غير السلمي وآفاقه المستقبلية.

ولعل من أهم النتائج التي تم التوصل إليها هي:
1- يتجلى موضع القوة لنُهج نزع السلاح النووي في انسجامها وتكيّفها مع ظروف النطام الدولي، إذ يستند كلُ نَهج إلى آلية مناسبة مع طبيعة النظام الدولي في كل مرحلة زمنية، كما يتمثل ذلك بتدرج النُهج من الحظر الجزئي للتجارب النووية إلى الحظر الشامل، ومن عدم الانتشار التمييزي إلى عدم الانتشار الشامل.
2- تتجلى نقطة الضعف لنُهج نزع السلاح النووي في ضعف الثقل والأثر السياسي للأمم المتحدة إزاء القوى الخمسة الحائزة على الأسلحة النووية رسميا بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي لعام 1968.
3- تواجه نُهج نزع السلاح النووي مشكلة في البنية التنظيمية للأمم المتحدة، إذ أن الجمعية العامة التي تتبنى مبادرات نزع السلاح النووي والقضاء التام على الأسلحة النووية ليست لديها صلاحية اتخاذ قرارات حاسمة لتغيير معضلات الأمن الدولي، بل يرجع هذا الأمر إلى مجلس الأمن الذي تمتلك أعضائُه الدائميون أسلحة نووية.
4- تواجه نهج نزع السلاح النووي مشكلة في إستراتيجيات الدول الحائزة على الأسلحة النووية، إذ أن تلك الإستراتيجيات تقوم على أساس مبدأ الردع النووي، مما يَسْنَح فرصة لسباق التسلح، وبالتالي يبقى الانتشار النووي العمودي ماثلا.
5- تعرقل السياسات المعتمدة من قبل بعض الدول الحائزة على الأسلحة النووية، تجاه بعض الدول، نُهج نزع السلاح النووي وحظر الانتشار الأفقي، إذ أن الدول التي تشعر ب”الرعب الهجومي” من قبل دولة نووية قد تفكر بأنها ليست لديها أي ملجأ سوى السعي إلى الحيازة على السلاح النووي، كما هو الحال في القضية النووية الكورية، والقضية النووية الإيرانية.
6- تواجه نهج نزع السلاح النووي عرقلة في مواقف الدول الحائزة من المعاهدات متعددة الأطراف للنظام الدولي في منع الانتشار النووي، مثل موقف إسرائيل، والهند، والباكستان، وكوريا الشمالية من معاهدة عدم الانتشار النووي لعام 1968، وموقف الولايات المتحدة من معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لعام 1996، وموقف جميع الدول الحائزة من معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 2017.
7- تعرقل مواقف الدول الحائزة المعنية من البروتوكولات الإضافية للمعاهدات لإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، ولاسيما الولايات المتحدة، من حيث عدم التوقيع أو عدم المصادقة عليها، نُهج نزع السلاح النووي وحظر الانتشار النووي.
8- يشكل التوتر الإستراتيجي، في العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية في المجال النووي، عقبة جسيمة لنُهج نزع السلاح النووي وحظر الانتشار النووي، كما هو الحال في الانسحاب الأمريكي، في شباط/فبراير 2019، من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى (INF Treaty)، وإجراءها اختبار صاروخ كروز أرضي Ground-based cruise missile (GBCM)، في 18 أغسطس/آب 2019.

9- يعوق انضمام الدول غير الحائزة إلى تحالفات ثنائية أو متعتدة الأطراف، تحت المظلة النووية لدولة أو دول حائزة، نُهج نزع السلاح النووي وحظر الانتشار النووي، كما هو الحال في حلف الشمال الأطلسي (NATO) بالنسبة للدول التي كانت سابقا تحت نفوذ روسيا الاتحادية (جمهورية التشيك، المجر، بولندا، استونيا، لاتفيا، ليتوانيا، بلغاريا، رومانيا، سلوفاكيا)، وكذلك التحالفات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، مما يشجع روسيا الاتحادية وكوريا الشمالية على التمسك بترسانتهما النووية.
10- تواجه نُهج نزع السلاح النووي مشكلة في ضعف الرأي العام العالمي، بشأن الأسلحة النووية، أمام إرادة الدول الحائزة، على الرغم من أهميته في تقديم مبادرات في صالح عدم الانتشار النووي ونزع السلاح النووي غير أنه لا يتمتع بنفوذ على الدول الحائزة.
وحازت الرسالة على درجة الامتياز!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock