السياسةالعمل والمستجدات

#مقال: تهميش المستعربين.

#مقال: تهميش المستعربين.

كتب #سيدي_أحمد_غاساما.

سيقول أحدهم أو أكثرهم ، بأني متحمس ، أو ثائر كما سيقوله الكثير، ولربما سيء الأدب ، أو متمرد، إلا أنني لا أهتم بما يقول الناس فيَّ كثيرا …ومهما يكن من شيء ، فاليقولوا ما شاءوا، فالأتصف بكل هذه الصفات ، وكل ذالك لا يهم كثيرا ..
ولكن المهم ،أني لست هنا اليوم في هذا الحديث لأهاجم أو أدافع عن فلان أو عيان ، لا المستعرب الغريب جداا في وطنه، ولا الفرنكوفوني المحظوظ بكل ما للكلمة من معنى ، ولكنني أريد فحسب أن أضع النقاط على الحروف في شيء طال ما يتقطع به القلب ويحترق به الوجدان “هو موقف حكومتنا الجائرة ضد أبناءها المستعربين”
إن الحكومة السنغالية وأبناءها أشبه شيء بامرأة يحمل في بطنها توأمين ، فلما وضعتهما وقفت بجنب الأول تطعمه وتكسوه ، وترضعه وتدعمه في كل شيء ، أما الثاني، فتهجره وتطلق سراحه كتطفل ضل الطريق وظل يبحث عن أمه في غياهب الغابة المجدبة ، وهل هذا من العدالة ؟ وهل هكذا يساس شعبا أو وطنا ؟

كعادة أكثر الدول المجاورة ، منها الدول العربية ، تمنح السنغال منحا كثيرة في كل سنة، عندما تنتهي الامتحانات الثانوية الحكومية ، يحق لكل طالب ناجح من الامتحان وله معدل جيد أو جيد جدا أن يقدم أوراقه ليتمتع من هذه المنح الخارجية ..
وكانت الإمارات العربية المتحدة من بين هذه الدول التي منحت السنغال شيئا من منحها الدراسية، فأعلنت الحكومة حينئذ، أن يستعد كل ذي حق للتقديم ، فبدأ بعض الطلاب النابهين المستعربين، الرجال منهم والنساء الإجراءات اللازمة، عسى ولعل أن يستفيدوا من هذه المنح لمواصل دراستهم في الخارج كجميع المواطنين..
وبعد الكد والجد ، والتعب والنصب ، ذهابا وإيابا للبحث عن بعض الأوراق المطلوبة، قدموا أوراقهم إلى إدارة المنح ، إلا أن سوء حظهم وغربتهم في أوطانهم جعلت الحكومة تطردهم طردا فاحشا، لا لشيء إلا لأنهم دارسي “لغة الضاد ” قائلين ومستهزئين لهم بكل وقاحة وسوء أدب : هذه المنح لا تخصكم، ولكنها للفرنسيين وأنتم مع الأسف مستعربون..
موسف جداا ومحزن، إلا أنني أعالج هذالموضع بعمق، أي، لا أكتفي فحسب في مواجهة الحكومة، ولكنني سأذهب إلى أبعد من ذالك بكثير لأتمكن إيصال رسالتي إلى جميع المستعربين ..
فالمستعرب في هذا البلد يا سيدي، ليس لأن الحكومة لا تهتم به ولا تعتبره فردا مهما في المجتمع السنغالي ، ولكن هم بأنفسهم من رسموا هذا المنوال وفتحوا باب عدم الاهتمام لأنفسهم، فقد يقول قائل أو يسأل سائل قائلا : كيف يكون ذالك ؟ ولكنني وبكل جرأة سأجيبه – وحتى أني ما كتبت هذه السطور إلا لأجيب على سؤاله البديهي ، وأقول :
الفرنكوفونيون يشتكون إلى ولاة الأمر عندما يجدون مشكلة ما، وإن كانت صغيرة تافهة كمشكلة “قلة الملاعقة في المطاعم” فتضغط بها الحكومة ضغطا شديدا ،كثييرا ما يؤدي إلى استجابة واعطاء الحل المناسب لمشاكلهم، ولكن المستعربين أبداً ما يفعلون ذالك ، يطلبون حقوقهم ، يبكون ويشتكون آلامهم ، ولكنهم يبقون مكتفين الأيادي تعذبهم الحكومة وتذلهم وتهينهم وتستعبدهم كما يفعل صاحب الحمار حماره ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ..
فاليعلم ذالك المستعرب في المدارس وفي الجامعات – إن لم يكن قد عرفوا ، أن حقوق المواطنين متساوية، لا فضل لفرنكوفوني على المستعرب، ولا للمستعرب على الفرنكوفوني إلا بالجهد والاجتهاد ، ولتعلم ولاة الأمر أيضا أن الجميع مواطنون ، ولكل منهم حقه، فاليعطى إذن لكل ذي حق حقه ، تلك هي العدالة والمساواة ، تلك هي حسن الإدارة والرعية ، وغير ذالك فظلم وجور وفسق ونفاق وميل وسلب ونهب وسرقة وخيانة الشعب واستهانة حقوقهم !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock