السياسةالعمل والمستجدات

عميد السلك الديبلوماسي… ذكريات ودموع عبدالأحد إمباكي يروي لـ «الراي» مسيرة 33 عاماً في الكويت: … هي باقية وجميعنا راحلون

– 40 عاماً من العمل الديبلوماسي 33 منها في الكويت كسفير و23 عميداً
– كنت أول سفير يستقبله الشيخ جابر في ديوان البابطين بعد التحرير
– الشيخ جابر الأحمد أمر بإحضار فنيين من السنغال للعمل في الكويت
– كنت و5 سفراء آخر المغادرين في فترة الغزو
أربعون عاماً من العمل الديبلوماسي… 33 منها في الكويت كسفير لبلاده… و23 عاماً عميداً للسلك الديبلوماسي، عايش ثلاثة أمراء للكويت، وكان من أواخر السفراء الذين غادروا الكويت في فترة الغزو العام 1990، وأوائل من عادوا بعد التحرير في مارس 1991 عندما كانت حرائق آبار النفط لا تزال مشتعلة.

هو عميد السلك الديبلوماسي سفير السنغال لدى الكويت عبدالأحد إمباكي، الذي استطاع تكوين صداقات بين مختلف أطياف الشعب والمقيمين في الكويت، وله فيها الكثير من الذكريات الجميلة، ولم يكن خير صديق وزميل لرؤساء البعثات الديبلوماسية فحسب، بل امتدت هذه العلاقات لجميع الصحافيين الذين كان لهم بمثابة أخ مساند طوال فترة عمله.

حرارة الكويت… تزحف نحو الستين
منذ 3 ساعات

فضيلة الحسن لـ «الراي»: المُدُن العمالية لم يتقدّم لها أحد والمستثمر المفضل لـ «معالجة النفايات»… اعتذر
منذ 3 ساعات
«الراي» التقت عميد السلك الديبلوماسي قبيل مغادرته البلاد بعد انتهاء فترة عمله في الكويت وقراره التقاعد من العمل الديبلوماسي، ليتحدث عن ذكرياته في الكويت والدموع تملأ عينيه حزناً على فراق الكويت، ولكنه كان يحاول إخفاءها.

وفي ما يلي نص اللقاء:

• كيف بدأتَ مسيرتك الديبلوماسية سعادة العميد؟

– بدأت في العام 1988، وكنت قبلها مستشاراً في السفارة السنغالية بمدينة جدة، وبعدها القنصل العام في جدة وانتقلت بعدها للرياض لفتح سفارة بلادي، وفي العام 1988 صدر مرسوم الرئيس السنغالي عبدو ضيوف، بتعييني كسفير لجمهورية السنغال لدى الكويت.

• حدثنا عن حضورك للكويت؟

– كان أول لقاء لي مع مسؤول كويتي، مع المغفور له بإذن الله الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، حيث كان وزيراً للخارجية آنذاك، وقدمت لسموه نسخة من أوراق الاعتماد، ومن ثم تشرّفت بلقاء الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، لتقديم أوراق اعتمادي. وفي الوقت نفسه كنت سفيراً محالا للبحرين والأردن، وبعدها إلى لبنان واليمن الجنوبي قبل الوحدة، كسفير غير مقيم.

• متى تسلمتم العمادة في الكويت، وماذا تقول عن هذه المهمة؟

– تسلّمت العمادة قبل 23 عاماً، وهذه المهمة في الكويت ليست صعبة. عاصرت أفضل السفراء وكونت معهم علاقات صداقة وزمالة وتعاون. كنت ألتقي السفراء مرة أو مرتين أسبوعياً، خلال المناسبات الوطنية لكل بلد أو في المناسبات الكويتية العامة والخاصة، ولكني لم أشعر يوماً بالتعب بمهمة العمادة، لأن التعاون كان موجوداً من الزملاء ومن المسؤولين في وزارة الخارجية خلال العقود الثلاثة الماضية، وبرأيي أن العمل الديبلوماسي في الكويت أفضل من الكثير من الدول، لسهولة التواصل مع كل المسؤولين.

• كيف ترى تطور الكويت من فترة بعد التحرير؟

– الغزو خلّف الكثير من التدمير في المباني والمنشآت والأرواح، والكويت حاولت أن تعود لما كانت عليه قبل الغزو، لكنها واجهت الكثير من التحديات، منها نزول أسعار النفط والمشاكل التي حدثت في الدول المجاورة لها، مثل الحرب في العراق، وبعدها ما سمي بـ«الربيع العربي»، لكنها استطاعت تخطي كل التحديات بسبب سياستها المتوازنة والحكيمة، وكان للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، دور كبير في فض النزاعات وتسهيل المهمات في الكثير من الدول. واستضافت الكويت العديد من المؤتمرات الدولية، والتي توجت باختيار سموه قائداً للعمل الإنساني.

• ماذا عن لقائك مع سمو الشيخ جابر الأحمد، بعد التحرير؟

– عندما عاد سمو الأمير الراحل الشيخ جابر، كنتُ في الكويت. ومن حظي كنت أول سفير يستقبله سموه في ديوان البابطين، وأتذكر زيارة الرئيس عبدو ضيوف لسموه في الطائف أثناء فترة الغزو، واستقبلني بحضور وزير التربية المرحوم أنور النوري.

وقال سموه يومها «يجب أن تشارك الشركات السنغالية في إعادة إعمار الكويت»، وقد بنت إحدى الشركات السنغالية 12 مدرسة في منطقة الجهراء، كما أمر سموه بإحضار فنيين من السنغال للعمل في الكويت، وحضر حينها نحو 250 فنياً للعمل في الإدارة العامة للإطفاء، وبقوا في الكويت لنحو 4 سنوات ثم عادوا للسنغال.

• متى غادرت الكويت خلال فترة الغزو؟

– كنت من أواخر السفراء الذين غادروا، حيث غادرت في 24 أكتوبر 1990. كنا 6 سفراء فقط هم أنا والبريطاني والأميركي والمصري والعماني والفرنسي، أما بقية السفراء فغادروا قبل 14 أغسطس، المهلة التي حددها العراق لمغادرة جميع السفراء، حيث تم استدعاء كل السفراء للسفارة العراقية بعد الاحتلال، وطلبوا من الجميع المغادرة، ومن سيبقى بعد هذا التاريخ فلن تكون لديه حصانة، فكلمت الرئيس السنغالي آنذاك. وقال لي ابقَ في الكويت لأطول وقت ممكن، وفي 22 أكتوبر، حضر وفد من سفارتنا في بغداد وطلبوا مني الرحيل.

وبعد قرار السلطات العراقية ترحيل الديبلوماسيين، طلب منا الرئيس ضيوف ترحيل أبناء الجالية من الكويت. فخاطبنا سفارتنا في بغداد وأرسلت لنا نقوداً، فاستأجرنا باصات لنقل جاليتنا وبعض أبناء جاليات الدول المجاورة. وبقيت أنا والمحاسب في السفارة فقط حتى 22 أكتوبر.

• ماذا عن علاقتك بالكويتيين؟

– لا أعتقد أن هناك علاقات يمكن أن توصف بقوتها مثل علاقاتي بجميع من عرفتهم من أبناء هذه الأرض الطيبة، من شيوخ كانوا يعتبروني ابنهم، ومن مواطنين أكثر من أشقاء وحتى المقيمين.

• من سيتسلم العمادة منك؟

– كان من المفروض أن يكون سفير بوتسوانا، لكنه مغادر بعد أسبوع، وبعده سفير جيبوتي، لكنه مسافر أيضاً، لذلك سيتسلم العمادة سفير طاجيكستان الدكتور زبيدالله زبيدوف، حسب الأقدمية، وبعده السفير الفلسطيني رامي طهبوب.

• ماهي رسالتك الوداعية للشعب الكويتي؟

– أقول للشعب الكويتي، إن الكويت في القلب. وأتمنى للكويت وشعبها والمقيمين فيها الأمن والاستقرار والرخاء. وأتمنى منهم جميعاً وضع الكويت ومصلحتها نصب أعينهم، فهي الباقية وجميعنا راحلون، وأتمنى أن أعود للكويت قريباً زائراً لأصدقائي، عندما تنتهي هذه الجائحة.

من 60 بعثة ديبلوماسية إلى الضعف

لفت إمباكي إلى أن السفارات في الكويت كانت بالبداية نحو 60 بعثة ديبلوماسية، ولكن عندما تسلّم سمو الشيخ ناصر المحمد رئاسة الوزراء، تم فتح العديد من السفارات، حتى وصل عددها للضعف تقريباً، ما جعل مهمة العمادة أكبر بكثير.

السفير السك سيخلفني

قال السفير إمباكي إن سفير السنغال لدى المغرب إبراهيم السك، والذي كان في السابق نائب أمين عام وزير الخارجية، سيخلفه في رئاسة بعثة السنغال.

على طائرة للقوات الفرنسية

تحدث إمباكي عن عودته إلى الكوبت بعد الغزو، قائلاً «عدت للكويت بين 10 و12 مارس 1991، فبعد تحرير الكويت بـ4 أيام، كان هناك اجتماع لمجلس الوزراء السنغالي. وكان أول مرسوم يصدره الرئيس عبدو ضيوف عودة السفير للكويت، فغادرت بعدها بيومين إلى باريس ومنها للرياض، وبقيت في الرياض لمدة يومين، حتى أتت طائرة للقوات الفرنسية. كان هبوط الطائرة صعباً وخطيراً.

وكان بانتظاري قائد القوات السنغالية المشاركة في التحرير، وعددها كان 500 كوماندوز، رافقني بعضهم لحماية السفارة، حتى رتبنا أوضاع السفارة التي تعرّضت للنهب».

«سأفتقد كل شيء»

رداً على سؤال عما سيفتقده بعد مغادته البلاد، قال: «كل شيء… دواوينها ومناسباتها الاجتماعية ومزارعها وشاليهاتها، وجوها الديموقراطي وشعبها الأصيل قبل كل شيء، والصحف الكويتية، التي نعتبرها كديبلوماسيين أفضل وسيلة للحصول على المعلومات المؤكدة والصحيحة، إضافة لجميع أنواع الأكلات والحلويات الكويتية».

5 بنات وولد… وزيجتان

تزوج إمباكي زوجته الأولى في السنغال العام 1979، وله منها 4 بنات وولد، ولديه بنت من زوجته الثانية في السنغال.

اكتشاف العالم

قال إمباكي: «حان وقت الراحة، صحيح ان عائلتي كانت معي دائماً، لكنني أرغب باكتشاف العالم، لم أسافر في أي إجازة خاصة، خلال السنوات الأربعين الماضية لغير الدول المحال إليها كسفير».

الجارالله «ريالي» وأنا «برشلوني»

قال إمباكي إن العلاقات مع كل وكلاء وزارة الخارجية كانت ممتازة، ولكن علاقته مع نائب وزير الخارجية السابق خالد الجارالله كانت طويلة وشخصية، وكانت هناك منافسة بينهما دائماً في كرة القدم، «حيث كان الجارالله يشجع ريال مدريد وأنا أشجع برشلونة. وإذا خسر الريال لا يتحدث معي بالتلفون ويغلق هاتفه، ولكن إذا فاز الريال كان يتصل بي فوراً».

وأضاف: «بكل صراحة الخارجية الكويتية بها كوادر ممتازة، لكننا جميعاً كديبلوماسيين نفتقد الأخ أبا حازم، فقد كان معنا في جميع المناسبات خلال 20 عاماً».

كل الإعلاميين… أصدقائي

عن علاقته بالإعلام، قال إمباكي: «كانت لي علاقة مع وسائل الاعلام الكويتية وممثليها كافة، ومازالت قوية، فلم أفرق يوماً بين صحيفة وأخرى. الجميع أصدقائي حتى المصورين، فهي علاقات طويلة.

وهنا يجب أن أشير إلى صديقي الذي أعتبره عميد المصورين الصحافيين في الكويت عمو أمين، الذي كان معي خلال هذه الفترة الطويلة من عملي في الكويت، ولم يغب عن أي مناسبة، وأتمنى له الشفاء العاجل».

شكراً لـ «الراي»… الرائعة

قال السفير إمباكي «أشكر صحيفة (الراي) الرائعة لإعطائي الفرصة بالتحدث للشعب الكويتي، والأسرة الحاكمة بمناسبة انتهاء مهام عملي .

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock