السياسةالعمل والمستجدات

26 يوليو 1975 – 26 يوليو 2021 ، الذكرى ال46عاما بعد رحيل الحاج إبراهيم انياس الكولخي … وقفات عن محطات حياته .

26 يوليو 1975 – 26 يوليو 2021 ، الذكرى ال46عاما بعد رحيل الحاج إبراهيم انياس الكولخي … وقفات عن محطات حياته .

بقلم الإعلامي محمد منير انياغ .

إنّه عالم دين سنغالي، ومن أشهر شيوخ الطريقة التجانية الصوفية هناك. عُرف بغزارة علمه وقدرته على التأثير الروحي خارج حدود بلاده، حيث يعتبر من أهم متصوفة غرب إفريقيا خلال القرن العشرين.

المولد والنشأة :
ولد الشيخ إبراهيم انياس يوم الخميس 15 رجب 1320هـ المواقف لأكتوبر/تشرين الأول 1902 في قرية طيبة الصغيرة التي تقع قرب مدينة كولخ في السنغال، فعرف بالشيخ إبراهيم نياس الكولخي، بالشيخ “باي” أو “شيخ الإسلام”. نشأ في حضن والده عبد الله نياس الذي كان من كبار علماء السنغال.

الدراسة والتكوين .
حفظ الشيخ الحاج إبراهيم نياس القرآن الكريم برواية ورش عن نافع على يد والده قبل بلوغه العاشرة من عمره، وتعلم منه -وهو في ريعان شبابه- العلوم الشرعية واللغوية من فقه وأصول وقواعد وسيرة، وأدب ونحو وصرف، كما أخذ عنه التصوف على الطريقة التجانية.

وبعد 46سنة على رحيله، في هذا اليوم 26 يوليو 1975 في العاصمة البريطانية لندن، في مستشفى سان توماس بالتحديد .
نتذكر عن شخصية خالدة سخرت نفسه وأقلامه في خدمة المسلمين والدفاع عن الإسلام، داعيا من تأسيس مراكز للعلم ، وتأليف كتابات دينية وعلمية وثقافية ضمت هذه التآليف مجموعة كثيرة مما تناثرت من العلوم قديما وحديثا وكان أول كتاب جادت به قريحته وهو يافع ، كتاب ( روح الأدب لما حواه من حكم وأدب ) وهو في الحادية والعشرين من عملاه. أورد في هذا الكتاب مجموعة من الآداب والنصائح والحكم ، على شكل منظومة شعرية . وكان يلقي دروسه في المسجد طوال اليوم وجزءاً من الليل بين الصلوات ، وكانت له مسامرات أدبية خاصة بآداب العرب بعد العشاء. وكان يستعمل المنهج النبوي المعتدل، ولا يخاف في الله لومة لائم.
كانت للشيخ الإسلام الحاج إبراهيم انياس رضي الله عنه مكانة علمية بارزة في العالم الإسلامي، فقد كان محل التكريم والعناية في جميع الدول الإسلامية، وقد زار كذلك المجتمعات الإسلامية في الدول الأخرى، وقابل علماء عصره وأفادهم واستفاد منهم، وكانت له صلات قوية بمشايخ الأزهر الشريف، ويكفي له شرف لأنه أول إفريقي غير العرب يؤم المسلمين الجمعة في جامعة الأزهر الشريف بمصر . وبعد صلاة الجمعة، علّق الشيخ محمد الغزالي على خطبته قائلا: ” إننا مطمئنون على مستقبل العالم الإسلامي ما دام في المسلمين أمثال ضيفنا العظيم شيخ الإسلام إبراهيم انياس ” .
فقد اجتمع بالزعماء والأمراء والتقى بالأئمة والعلماء، وكان بينه وبينهم أواصر المحبة والوداد . أمثال : الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وأمير المملكة العربية السعودية الراحل فيصل بن عبد العزيز، والحسن الثاني ملك المغرب ، والجزائري السيد بُو مَدْيَنْ، والرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري، و النيجيري الجنرال يعقوب غوون، والرئيس الغيني شيخ توري ، والرئيس المالي موديبو كيتا ، والرئيس الغاني كوامي أنكروما. كما اجتمع بغير هؤلاء من الأعلام العالمية والشخصيات البارزة مثل رئيس الوزراء الصيني شوين لاين، ورئيس يوغاسلافيا مارشال تيتو، ورئيس الاتحاد السوفيتي بري جنيف وقد قام بدور بارز في نشر العقيدة الإسلامية، في الغرب الإفريقي،و قداعتنى الشيخ بلغة العربية اعتناءً بالغا، ومن مظاهر ذلك رفضه إدخال أبناءه إلى المدرسة الفرنسية إبان فترة الاستعمار رغم الضغوطات التي فرضت عليه من الفرنسيين؛ وأرسل أبناءه إلى الأزهر الشريف، حيث تخرجوا دعاةً وأساتذة. وقد أسس الشيخ معهدا للغة العربية والعلوم الشرعية في مدينته، واستقدم له بعثات تعليمية من الأزهر الشريف. واستمر هذا المعهد في العطاء ونشر اللغة العربية، و تخرجت فيه أجيال بعد أجيال، ويشرف الآن عليه أبناء الشيخ وأحفاده وتوجد في المعهد بعثة تعليمية من موريتانيا مكونة من عدة أساتذة يدرسون في مختلف المراحل.

كما اهتدى على يديه أقوام شتى من أوروبا وأمريكا وآسيا. وكذلك قام بجهود محمودة في توثيق الرابطة بين الأقطار العربية وإفريقيا. كما عمل على نشر اللغة العربية. وله مُؤلفاتٌ كثيرةٌ إضافة إلى العديد من الرسائل والكُتب التي بلغت خمسة وسبعون كتابا تقريبا. وعدة دواوين شعرية معظمها في مديح النبي صلى الله عليه وسلم.
شارك الشيخ إبراهيم انياس في عدة روابط وهيئات إسلامية ودعوية، وقد كان من الأعضاء المؤسسين للعديد من الروابط، منها : رابطة العالم الإسلامي، وغيرها، و انخرط في الدعوة في هيئات الرسمية العالمية كثيرة.
كان الشيخ إبراهيم انياس مواطنا صادقا محبا لوطنه ولقوميته، وقد ظهر ذلك جليًّا في مؤلفاته وكتاباته، بل كان من المدينة، والشام ، وطيبة انياسين مكانة خاصة في قلبه رضي الله عنه.
منها قوله :
قُصورِي مدين الشام كوسي وطيبة# وكولخ قد تحيا بذكر الذي كَمُل .

وعند ما دشّن مدينته ” مدينة باي انياس ” في عام 1931 ميلادي _ ذي القعدة 1341 هجري . قال في حقها :
من كادها فليس ذا بِضائِرٍ #جرت ذُيُولها على الحَواضِرِ
لأنها مظهر الفيض الخاتم # فيها رجال ذوقهم كالحاتمي
سَرَى لها سِرُّ مدينة النبي # خَبَثها تنفي بلا تَرَيُّبِ
توفي شيخ إبراهيم انياس في لندن عاصمة البريطانية حيث كان يعالج يوم 15 رجب 1395هجري ، يوليو 1975 ميلادي ، ودفن في مدينته المعروفة باسم ” مدينة باي ” بكولاخ . تاركا بصمات في السنغال وأفريقيا بل في العالم. و يحظى أبنائه وأتباعه بتقدير كبير من كل طرف كل الناس بسبب الدور الريادي والتاريخي العظيم الذي لعبته هذه الأسرة من أجل نشر الإسلام واللغة العربية والدفاع عن الهوية الحضارية للسنغاليين والأفارقة في وجه موجات التغريب والتنصير التي تستهدف الأفارقة في قارتهم…وكان يجسد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ” من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ” .
وأخيرا ،هيئة التحرير لصفحة دكار نيوز تكرم روح هذه الشخصية العظيمة داعين الله سبحانه وتعالى أن يجدد رحماته ومغفرته ونوره ، ولجميع الموتى.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock